بعد .. و .. مسافة مصطفى ابوالعزائم “البلابل ” … تجربة وزاد !

أنشأ زميلنا وصديقنا الأستاذ عادل سنادة ، قبل فترة طويلة ، مجموعة بإسم ( حلقة نقاش ) على تطبيق الواتساب ، وهي مجموعة تضم ساسةً وصحافيين ، وضباط جيش وشرطة ، وشعراء وفنانين ، وقانونيّن كبار ، وأكثرهم من متعدّدي الإهتمامات ، منهم من يهتم بالثقافة والآداب والفنون ، ومنهم من يهتم بالرياضة ، وبعضهم ربما كانت له هوايات أخرى ، لذلك يتم طرح موضوع للنقاش بين عضوية المجموعة ، فيستفيد الجميع ، خاصةً عندما يكتب المختصون في مجالات تخصصهم .
وسبق أن تم طرح موضوع فنّي هو تقييم تجربة « البلابل » الفنيّة ، وتم إختياري ضمن آخرين للكتابة حول الموضوع ، بصفتي صحفي ، يهتم ببعض الأنشطة الفنية والثقافية ، إلى جانب الإهتمامات السّياسيّة والعامة ، مع الإهتمامات الخاصة بالمُنتَج الفنيّ والبرامجي ، والتحليلي في الإعلام المرئي والمسموع .
وحقيقةً أخْبرتُ صاحب الفكرة والمقترح ، بأن رأيي حول الموضوع ، سيكون منشوراً داخل المجموعة ، لكنه سيتجاوزها ، ليتم نشره في الصحف الورقية والإلكترونية ، التي تنشر مقالي اليومي ، وهأنذا أفعل .
تجربة البلابل التي يعتبرها البعض تجربة فنيّة ، ويعتبرها البعض ظاهرة فنيّة ، هي في رأيي ظاهرة فنيّة وإجتماعية في ذات الوقت ، فالبلابل ظهرن في وقت شهد على مستوى العالم تطورات فنية كبيرة ، بظهور الفرق الفنية ، مثل البيتلز الذين سبقوا ظهور البلابل بفترة طويلة ، وظهور فرق أخرى مثل فرقة أبَّا ، وكل فرق الغناء الجماعي في مختلف أنحاء العالم ، وكانت هناك فرق للغناء الجماعي بالسودان ، لكنها كانت قاصرة على فرق الموسيقى الحديثة التي أطلقنا عليها إسم فرق الجاز ، وقد تبخر أكثرها ولم يتبق من تلك الفرق إلّا تاريخها وتسجيلاتها ، وبقي لنا أحد رموزنا الفنية الأستاذ شرحبيل أحمد ، وفرقته التي ضمت إلى جانبه حرمه عازفة البيز جيتار السيدة الفضلى زكية .
لم تشهد الساحة الفنية نشوء فرق فنية نسائية ، وإن شهدت بروز مطربات قديرات منذ عهد فاطمة خميس ومهلة العبادية وعائشة الفلاتية وغيرهن ، كما شهدت ظهور ثنائيات فنية ، مثل ثنائي النغم والثنائي الكردفاني وغيرها من ثنائيات .
البلابل ظهرن في وقت التحولات الثقافية والفنية التي عاشها العالم خلال سبعينيات القرن الماضي ، وكُنّ ثلاث شقيقات ، أكبرهن لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها ، وأصغرهن لم تتجاوز الثالثة عشر ، وهن هادية وآمال وحياة ، وكانت تلك هي المرة الأولى التي تجتمع فيها ثلاث شقيقات ، ليصعدن إلى خشبة المسرح ، لأداء أغنيات إستحوذت على إعجاب وإهتمام شباب ذلك الزمان .
ظاهرة البلابل الفنية والإجتماعية قامت على ثلاث ركائز ، الأولى قدرتهن على الأداء وجمال أصواتهن ، أما الركيزة الثانية فقد كانت هي الأسرة ، وتحديداً والدهن الأستاذ محمد عبدالمجيد طلسم ، رحمه الله ،فقد كان متفهماً لدور الفنون في ترقية المجتمعات ، لذلك لم يعترض على مشاركة عدد من بناته السبع في فرقة الفنون الشعبية ، التي كان على رأسها وقتذاك المرحوم اللواء جعفر فضل المولى .
أما الركيزة الثالثة والمهمة فقد كانت ظهور الموسيقار الكبير الأستاذ بشير عباس نصر _ رحمه الله _ في حياة البلابل عندما أراد الإستعانة بأربعة أصوات نسائية تشاركه الأداء في إحدى مقطوعاته الموسيقية ، فإستعان بصديقه جعفر فضل المولى ، فكان ذلك الإكتشاف من داخل فرقة الفنون الشعبية ، ولم تكن صغرى البلابل من بين عضوات الفرقة ، بل كانت كبرى شقيقاتها شادية ، التي تغيبت عن أداء عدد من البروفات أو تمارين الأداء ، فكان أن حلت حياة طلسم محلها .
بشير عباس _ رحمه الله _ وهو صديق عزيز ، جلست إليه كثيرا ، كما أنه جمعتني علاقة ود وصداقة بالأخ الدكتور عثمان جمال الدين _ رحمه الله _ زوج السيدة حياة وكنت أحد الذين شهدوا زواجهما أوائل الثمانينيات تقريباً ، وقد تناولت مع كليهما الحديث عن البلابل ، وكنت أتمسك دائماً بأن البلابل ظاهرة فنية إجتماعية ، ولا زلت أرى إن البلابل ظاهرة لن تتكرر ، لأننا ربما لن نجد ثلاث شقيقات يجمعهن حب الفن والغناء ، وربما لن نجد أباً مثل الأستاذ الراحل محمد عبدالمجيد طلسم ، متفتّح الذهن ويؤمن بأهمية الفنون بصورة عامة ، كما إن تجربة الفنان الموسيقار بشير عباس لن تتكرر .
رحم الله الأديب والقاص والمفكر المبدع الأستاذ علي المك ، الذي إختار إسم البلابل للثلاثي المبدع ، هادية وآمال وحياة .
هناك شيء أخير وهو الشعراء الذين اهدوا أشعارهم للشعب السّوداني ، من خلال أداء البلابل الفني ، ومنهم الأساتذة عبدالباسط سبدرات ، وإسحق الحلنقي ، والتجاني حاج موسى والراحلين جعفر فضل المولى وعلي سلطان وعثمان خالد ، وغيرهم .
البلابل تجربة وزاد يجب أن يتزوّد به كل من أراد أن يتغنى ويصنع إسما في دنيا الغناء والموسيقى والطرب .
*Email : sagraljidyan@gmail.com*
السودان .. فرص نجاح الحكومة الجديدة في ظل التحديات الماثلة د. ياسر يوسف إبراهيم
بعد ما يقارب الأربع سنوات من قرارات رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح الب…