‫الرئيسية‬ مقالات كتب الركابي حسن يعقوب: قرار أمريكي يؤسس لبداية النهاية لميليشيا آل دقلو
مقالات - نوفمبر 25, 2024

كتب الركابي حسن يعقوب: قرار أمريكي يؤسس لبداية النهاية لميليشيا آل دقلو

مشروع قرار مهم جداً وافق عليه بالإجماع مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي وتحديداََ في العشرين من نوفمبر 2024..

هذا الحدث رغم أهميته إلا أنه لم يجد حظه من الإهتمام الكافي من قبل المهتمين والمتابعين للشأن السوداني.

وربما كان انحسار الأضواء عنه بسبب الزَخْم الذي أحدثه الفيتو الروسي بمجلس الأمن ضد القرار البريطاني الخاص بحماية المدنيين في السودان والذي يتضمن تدخل دولي مضافاََ إليه زَخْم زيارة المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيريلو للبلاد ومباحثاته مع الجانب السوداني الذي جاء متزامناََ وفي نفس التوقيت..

القرار يصف الانتهاكات التي قامت بها ميليشيا الدعم السريع المتمردة والميليشيات المتحالفة معها في دارفور وتحديداََ في حق القبائل غير العربية بأنها إبادة جماعية..

والقرار الذي تمت الموافقة عليه بالإجماع الأسبوع الماضي كان قد تقدم به أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ في فبراير من هذا العام..

حيث قدمه السيناتور الجمهوري جون جيمس وكلا من السيناتور بن كاردين والسيناتور كوري بوكر وهما ديمقراطيان..

لكن لم يجد القرار استجابة من الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت مما اضطر مقدميه إعطاء مهلة 120 يوماََ للتقرير بشأنه ومن ثم التصويت عليه..

ولكن أيضاً لم يتم التصويت عليه بعد هذه المهلة، فتقدم النائب جون جيمس مرة أخرى في السابع والعشرين من يونيو الماضي بمسودة القرار الذي يحمل الرقم 1328 وهو الذي تم التصويت عليه ونال الموافقة بالإجماع الأربعاء الماضي ويتضمن القرار خمسة موضوعات تتصل بالحرب في السودان من ضمنها إتهام ميليشيا الدعم السريع الإرهابية بارتكاب إبادة جماعية ضد المساليت والزغاوة من خلال العنف الممنهج ضد هذه القبائل والقبائل الأخرى غير العربية.

وقد خاطب النائب جون جيمس جلسة مجلس النواب بين يدي التصويت على القرار متناولاََ ما سماه الأزمة الإنسانية في السودان بصفة عامة، ودارفور بصفة خاصة وأورد بالتفصيل أعداد المتأثرين بالحرب من النازحين واللاجئين وأعداد الذين يتهددهم شبح المجاعة، ومن ثم أشار إلى انتهاكات ميليشيا الدعم السريع الإرهابية ووصفها بالإبادة الجماعية وفقاََ للمادة الثانية من اتفاقية باريس الخاصة بمنع الإبادة الجماعية التي تم إقرارها في ديسمبر من العام 1948 والتي تصف الإبادة الجماعية بأنها جريمة يعاقب عليها.

وأشار النائب جيمس إلى أن عدد الضحايا الذين لقوا حتفهم على أيدي أفراد ميليشيا الدعم السريع الإرهابية من هذه القبائل بلغ (15000) قتيلاََ خلال العام 2023 وحده، بجانب الإنتهاكات الأخرى مثل الاغتصاب والتهجير القسري وتدمير المزارع والترويع وأن هذه الإنتهاكات موثقة في تقارير لدى المنظمات الإنسانية و الحقوقية..

وتطرق النائب جيمس أيضاً إلى دور الإمارات ودول أخرى في إشعال الحرب في السودان دون أن تطالها يد العقوبات من قبل المجتمع الدولي، واصفاََ إدارة الرئيس بايدن بالفشل في وقف الحرب في السودان، ولمح إلى دور جدي للإدارة الجمهورية برئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إزاء الحرب والمأساة الإنسانية في السودان وحماية المدنيين في دارفور وأكد على أن القرار سيقدم للإدارة الجديدة كبرنامج عمل يصنف بالمهم ووعد بأنه سيكون داعماََ للشعب السوداني..

و بطبيعة الحال فإن موافقة مجلس النواب الأمريكي على هذا القرار بالإجماع يعتبر تطوراََ نوعياََ غاية في الأهمية، وخطوة متقدمة من جانب المؤسسة التشريعية في أمريكا بما لها من ثقل كبير في النظام الأمريكي ككل، وسيكون لهذا القرار أثر كبير على مسار الحرب والأزمة الإنسانية في السودان، فالقرار فضلاً عن كونه صادر بالإجماع، فهو جمهوري الأصل والمولد مما سيتيح له الفرصة للنفاذ في ظل إدارة الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب الذي سيتم تنصيبه رسمياََ وفقاََ للدستور الأمريكي في يناير من العام القادم، وبالتالي فإن ميليشيا الدعم السريع الإرهابية وحلفائها السياسيين المحليين والاقليميين موعودون بمواقف متشددة وضغوط كبيرة من إدارة ترمب لن يكون في مقدور هذه الجهات تفاديها.

ويتضمن القرار بنود عديدة أبرزها وأكثرها أهمية توصيف الإبادة الجماعية، و دعم المحاكمات الجنائية الدولية وإجراء تحقيقات لمحاسبة ميليشيا الدعم السريع الإرهابية والميليشيات المتحالفة معها والمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كما يتضمن أيضاََ تدابير وإجراءات إنسانية عاجلة، وإدانة الإنتهاكات ضد النساء والأطفال والفتيات. ويشتمل على اتهامات لميليشيا الدعم السريع الإرهابية بتنفيذ اعتقالات خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والضرب، والابتزاز، والعنف الجنسي، والجنساني، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي،

والخطوة التالية هي إحالة القرار إلى مجلس الشيوخ والذي بدوره سيصوت على القرار، وفي حال حصوله على الموافقة من مجلس الشيوخ يحال القرار إلى البيت الأبيض للمصادقة عليه من قبل الرئيس ويكون بعد ذلك قانوناََ نافذاََ..

أما في حالة امتناع الرئيس عن المصادقة عليه يصبح القرار غير ملزم ويعتبر توصية أو بيان موقف سياسي، لكن تقوم الجهات التنفيذية – مثل الخارجية – بتطبيق السياسات والتدابير التي يتضمنها القرار والعمل مع المجتمع الدولي لوضع هذه التدابير موضع التنفيذ مثل دعم المحاكمات الدولية وفرض العقوبات وإنشاء الممرات الإنسانية وفرض الحظر على تصدير الأسلحة وذلك بالتنسيق مع مجلس الأمن الدولي..

وفي كلتا الحالتين فإن القرار يؤسس عملياََ لبداية النهاية للميليشيا وأول مسمار يدق في نعشها..

ويعني قرار توصيف الولايات المتحدة انتهاكات ميليشيا الدعم السريع الإرهابية بأنها إبادة جماعية ، يعني في وجهه الآخر تصنيفها (منظمة إرهابية)..

وهو ما يعني فرض عقوبات دولية تشمل التمويل والتسليح وتمتد هذه العقوبات إلى الجهات الداعمة للميليشيا، وإجبارها على وقف عملياتها العسكرية، وملاحقة قادتها قضائياََ وتجميد الأصول المالية لها وتحريم التعامل المالي والتجاري معها وغيرها من التدابير التي تعني في المحصلة النهائية القضاء عليها وعلى نشاطها الإرهابي..

ويأتي الموقف العسكري المزري على الأرض الذي تمر به ميليشيا الدعم السريع الإرهابية وتراجعها وإنهزامها أمام الجيش في كل محاور القتال والتقدم الذي يحرزه الجيش في الميدان خاصة في محور الجزيرة واسترداد مدينة سنجة بالأمس وزحفه نحو تحرير مدني، يأتي مكملاََ للضغوط الخارجية الإقليمية والدولية على الميليشيا الإرهابية وموجة التخلي عنها من قبل بعض دول الجوار التي كانت تساندها إلى وقت قريب مما ستكون حصيلته إنهيارها التام بصورة دراماتيكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مطرب سوداني واجه شراسة الحرب معتصماً بمنزله بالخرطوم تقرير: وجدان طلحة

أبو عركي البخيت غنّى للحياة في وجه الموت… ولم يساوم أو يغادر داره   لم يغادر ال…