‫الرئيسية‬ مقالات أصل_القضية القانون في السودان: أزمة وعي أم خيانة وطن؟ محمد أحمد أبوبكر باحث بمركز الخبراء العرب
مقالات - يونيو 10, 2025

أصل_القضية القانون في السودان: أزمة وعي أم خيانة وطن؟ محمد أحمد أبوبكر باحث بمركز الخبراء العرب

حين يغيب القانون، لا تُهزم الدولة فحسب، بل تُغتال العدالة، ويُمنح الظلم ترخيصًا للبقاء.”

– نيلسون مانديلا

في وطنٍ تمزقه الحرب، وتنهشه الترضيات، وتخدّره لغة التسويات، يبقى القانون هو الضامن الأخير لبقاء الدولة، والحصن الذي إذا سقط، سقط معه الشرف والعدل والمصير.

لكن السودان، منذ عقود، يعاني من

اختلال مزدوج خطير:

* غياب التوافق الوطني حول مرجعية القانون، وغياب التثقيف القانوني كجزء من الوعي الجمعي. وبين هذا وذاك، ترعرعت ثقافة التجاوز.

* التحايل، والمحسوبية، حتى صار القانون في نظر البعض “رأيًا استشاريًا”، لا مرجعية سيادية.

 

🧭 الدولة حين تفقد بوصلتها القانونية

استنادًا إلى منطق استراتيجية الجسر والمورد، التي ترى في القانون جسرًا بين الدولة والمجتمع، وموردًا للثقة والاستقرار، فإن المعضلة القانونية في السودان ليست مجرد قصور في التشريع أو تطبيق مهتز، بل هي أزمة عميقة في هندسة العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

 

> “إذا لم نُرَسِّخ روح القانون في القلوب، فكل دستور لن يعدو كونه حبرًا على ورق.”

– مارتن لوثر كينغ

في الأنظمة الحديثة، ترتكز الدول الناجحة على “ثالوث مؤسسي”:

١. توافق وطني جامع حول القانون كمظلة للجميع،

٢. ثقافة قانونية راسخة في الشعب،

٣. مؤسسات عدلية مستقلة ومحترفة.

والسودان اليوم يفتقد الثلاثة في آنٍ واحد، وهو ما يجعل “دولة المؤسسات” مجرد شعار، لا مشروعًا.

 

📉 أعراض الأزمة: عندما يصبح القانون غريبًا في وطن

* وزارة العدل، المعنية ببناء وعي قانوني جماهيري، غائبة عن دورها الحضاري. لا حملات توعية، لا مبادرات مجتمعية، ولا حتى شراكات مع الإعلام المحلي أو الجامعات.

* ثقافة عامة تشكك في القانون، ترى فيه أداة ترهيب، لا حماية. فتُحلّ النزاعات بـ”القبيلة”، لا بالقضاء، ويُحتكم لـ”الواسطة”، لا للدستور.

* روح القانون غائبة تمامًا، إذ يُطبّق النص على البعض دون الآخرين، ويُفسّر وفق المزاج السياسي، لا وفق المبادئ.

 

> “العدل أن يُطبّق القانون على من أحببت ومن كرهت، فإن خالفت ذلك، فما صنعت إلا ظلماً باسم الشرعية.”

– علي عزت بيغوفيتش

 

الجسر والمورد: إعادة صياغة العلاقة بين المواطن والدولة

ترى استراتيجية “الجسر والمورد” أن القانون ليس أداة ردع، بل منظومة تمكين وكرامة. والمطلوب ليس فقط إصلاح القانون، بل إعادة بناء الثقة فيه عبر هندسة شاملة ثقافيًا، تربويًا، ومؤسساتيًا.

 

١. جسر الوعي: التثقيف القانوني الشامل

* إطلاق حملة وطنية تحت عنوان: “القانون حقك.. مش تهديدك”

* إنتاج برامج ومسلسلات شعبية بلغة دارجة تشرح القانون من خلال مواقف الحياة اليومية.

* إشراك الخطباء، المعلمين، والناشطين المجتمعيين في شرح المفاهيم القانونية للناس.

 

٢. مورد المؤسسات: استعادة هيبة الدولة بالقانون

* تحويل وزارة العدل إلى وزارة مجتمعية تفاعلية لا بيروقراطية نائمة.

* تأسيس مراكز استشارات قانونية مجانية في الأحياء والقرى بالتعاون مع كليات القانون.

* تطوير وحدة التفتيش الشعبي لمراقبة أداء المؤسسات العدلية والرفع بتقاريرها لمجلس الشعب.

 

٣. القانون في المناهج

* إدخال مادة “الحقوق والواجبات” في المدارس منذ الصفوف الأولى.

* تخصيص جزء من حصص التربية الإسلامية والمواطنة لشرح القيم القانونية من منطلق ديني وأخلاقي.

 

> “أمة لا تعرف قانونها، لا تستطيع أن تعرف حريتها.”

– جان جاك روسو

 

💡 أصل القضية: سيادة القانون ليست ترفًا.. بل خلاص!

* القانون هو اللغة التي تتحدث بها الدولة مع مواطنيها. فإن كانت اللغة غامضة، أو مزيفة، أو انتقائية، فكيف نطالب الشعب بالثقة أو الانتماء؟

 

* نحن لا نحتاج إلى مزيد من القوانين، بل إلى إرادة وطنية تُفعل الموجود، وتُبسطه، وتُنزل روح القانون إلى الشارع، والمدرسة، والمسجد، والبيت.

 

وقتها فقط، يمكن أن نقول إننا بدأنا بناء الدولة السودانية الحديثة، لا كحلم مؤجل، بل كمشروع جامع نابع من وعي الشعب، لا إرادة النخب فقط.

 

> “القانون ليس سيفًا يُسلّط على رقاب الناس، بل درعًا يحمي كرامتهم.”

‫شاهد أيضًا‬

المدير التنفيذي لمحلية الدبة يدشن إنطلاق مؤتمر التعليم بقرية جرا غرب تحت شعار “ايدينا ليك يا جرا

ريم حمد المسلمي إعلام الدبة   انطلق اليوم بقرية “جرا غرب” بمحلية الدبة فع…