‫الرئيسية‬ مقالات (أمال السودان إيه يا ضياء سيرك)..؟! ضياء الدين بلال 
مقالات - ‫‫‫‏‫4 أسابيع مضت‬

(أمال السودان إيه يا ضياء سيرك)..؟! ضياء الدين بلال 

كتبتُ استراحة قبل سنوات بأخيرة العزيزة (الرأي العام)، تحت عنوان (مصر مسرح كبير)، لم يعجب العنوان الأستاذة الفاضلة أسماء الحسيني، فقالت لي بطريقتها المصرية الساخرة: (أمال السودان إيه يا ضياء؟ سيرك؟!).

ضحكت ولم أُعقِّب.

في إحدى زياراتي إلى مصر، وبينما كنا في مقهى من مقاهي القاهرة القديمة، قال لي صحافي مصري يعمل في صحيفة الأسبوع جملة ظل صداها يتردد في ذهني حتى اليوم:

“مشكلتكم في السودان أنكم تختلفون على البدهيات والمسلمات، وتتحركون بلا ثوابت.. لذلك يستحيل أن تتفقوا على شيء أو تلتقوا على فكرة.”

 

تأملت كلماته طويلاً، ووجدت فيها مرآة صادقة لحقيقة موجعة. فأسوأ ما ابتُلي به واقعنا السياسي هو ارتهان كثير من الساسة لمغريات اللحظة، وانشغالهم بتحقيق مصالح آنية وسريعة، واستبدادهم بالسلطة لا لبناء الغد، بل لتصفية حسابات الأمس.

 

الساسة الكبار في تجارب الشعوب الناهضة لم يصنعوا نهضاتهم بسطوة السلطة، بل ببصيرة التاريخ. كانوا يسألون أنفسهم دائماً: كيف سيكتب التاريخ عنّا؟ في أي قائمة ستُذكر أسماؤنا: قوائم الشرف أم مزابل الخزي؟

 

أما عندنا، فكم من سياسي مرّ على السلطة مرور العابرين، دون أن يترك أثراً يُحتذى، أو مشروعاً يُخلّد، أو سيرة يُشاد بها.

 

الصراع المزمن على السلطة والثروة ظل لعقود العنوان الأبرز لحياتنا السياسية، قعد بنا عن النهوض، وأثقل خطانا عن التقدم، حتى صار الوطن ساحة معركة دائمة لا ورشة بناء.

 

ندر أن تجد بين الساسة من ينتج فكرة مضيئة، أو يقدم رؤية جادة لحل أزمة. أغلبهم ماهرون في الكيد وإسقاط بعضهم البعض؛ بارعون في الهدم وصناعة الأوهام، وعاجزون عن صناعة نجاح حقيقي يُرى بالعين ويُقاس بالأرقام.

 

ذلك هو جوهر المأساة: وطن تحكمه صراعات، لا مشاريع. وساسة يتقنون إدارة معارك الماضي، بينما يعجزون عن رسم ملامح المستقبل.

 

‎ لو أن صحفياً مُجتهداً قضى ساعاتٍ

‎بدار الوثائق يرصد تصريحات عدد من السياسيين المتناقضة عبر الحقب الزمنية والتقلُّبات السياسية؛ لوفَّرَ مادة مسلية للبعض ومثيرة للغثيان لدى كثيرين.

 

أهمُّ مواصفات السياسي في السودان هذه الخفة في الانتقال من موقف إلى نقيضه، ومن مائدة إلى أُخرى، دون أن يغسل يديه، وفي الغالب لا يجد السياسي نفسه مُضطراً لإيجاد تبريرات تحفظ ماء وجهه، دعك من الاعتذار والأسف !

 

فعلا لو فُتح أرشيف التصريحات المتناقضة لسياسيينا، لما احتجنا إلى كاتب ساخر… بل إلى مخرج سيرك محترف.

‫شاهد أيضًا‬

الزين اب شنب يكتب التصنيف الأمريكي لمرتزقة الجنجويد كجماعة إرهابية… بداية لعاصفة محلية وإقليمية

لم يكن قرار الولايات المتحدة بالاتجاه نحو تصنيف “قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية مج…