‫الرئيسية‬ مقالات هل الامتحانات النهائية هي المقياس الحقيقي لانتقال الطالب بين الفصول بقلم: د. بشارة حامد جبارة
مقالات - ‫‫‫‏‫23 دقيقة مضت‬

هل الامتحانات النهائية هي المقياس الحقيقي لانتقال الطالب بين الفصول بقلم: د. بشارة حامد جبارة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

 

يجلس أبنائي هذه الأيام، مع إخوانهم في ولاية الجزيرة، لأداء الامتحانات النهائية المؤهلة للانتقال إلى الفصول التالية. أسأل الله أن يوفقهم ويسدد خطاهم، كما أسأله التوفيق لجميع أبنائنا وبناتنا الذين يخوضون هذه المرحلة الحاسمة من حياتهم الدراسية.

 

هذه الفترة تُعد من أصعب المراحل النفسية بالنسبة للطالب، إذ يستعد للانتقال إلى المرحلة التالية في التعليم، سواء أكانت في الصفوف الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية. وكثير من الطلاب ينظرون إليها كأنها معركة مصيرية لا بد من الفوز فيها أمام الأسرة والمجتمع. فهل هي فعلًا معركة بهذا الحجم؟

 

منذ عقود طويلة، اعتمدت المدارس والجامعات على الامتحانات كأداة رئيسة لتحديد أهلية الطالب للانتقال من فصل إلى آخر. لكن هذا النظام بات محل جدل واسع، والسؤال المطروح لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي هو:

هل الامتحان يعكس حقًا قدرات الطالب الحقيقية؟ وهل يمكن تقييم طالب في مرحلة كاملة من خلال ورقة لا تتجاوز مدتها ساعة أو ساعتين؟

 

الإجابة – في تقديري – لا يمكن حسمها إلا من خلال نقاشات جادة وورش عمل يشارك فيها المعلمون والمختصون التربويون، لإعادة النظر في آلية إعداد هذه الامتحانات. وربما تكون هناك خطط وأنظمة معمول بها بالفعل، إلا أن كثيرًا من أولياء الأمور – خاصة المغتربين – لا يطّلعون عليها بسبب طول فترة غيابهم عن الوطن.

 

أرى أن الامتحانات التقليدية ليست مقياسًا كافيًا لقياس كفاءة الطالب أو قدراته الحقيقية. فهي تركز غالبًا على الحفظ واسترجاع المعلومات في وقت الامتحان، وتتجاهل مهارات أخرى يلاحظها المعلم على مدار العام، مثل الإبداع والمشاركة في الأنشطة المختلفة.

 

تقييم الطالب من خلال امتحان نهائي فقط، قد يُحدث آثارًا سلبية على نفسيته، خصوصًا في الصفوف الابتدائية. فالاعتماد على هذه الطريقة كفيصل وحيد للانتقال يجعل الطالب يخوض ضغوطًا نفسية كبيرة، قد تنتهي بالإحباط أو التفكير في ترك الدراسة مبكرًا، أو على الأقل تؤثر سلبًا على أدائه الأكاديمي. ويزداد هذا الأثر في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا الحبيب.

 

لذلك، لا بد من البحث عن بدائل لهذه الطريقة التقليدية، ومنها:

 

التقويم المستمر عبر اختبارات أسبوعية أو شهرية.

 

تقييم البحوث والمشاريع والأنشطة المختلفة.

 

جمع درجات الطالب طوال العام واعتمادها كأساس للتقييم.

 

 

وأظن أن هذا النظام معمول به في السودان وبعض الدول الأخرى، وإذا كان مطبقًا بالفعل، فإن الامتحان النهائي لا ينبغي أن يكون معقدًا أو مرهقًا نفسيًا للطالب وأسرته، بل يكون أداة للتأكد من الحد الأدنى من الفهم، لا وسيلة لتعجيز أو إحباط.

 

خاتمة

 

إن مستقبل التعليم في بلادنا لا يحتمل الجمود، فالأمم التي تتقدم هي التي تراجع أدواتها وتطور أنظمتها لتخدم أبناءها، لا لتثقل كواهلهم. إن إعادة النظر في طريقة انتقال الطلاب بين الفصول، واعتماد أساليب تقييم عادلة ومتنوعة، ليست رفاهية تربوية، بل ضرورة وطنية لضمان تخريج جيل واثق، مبدع، ومؤهل لنهضة السودان.

فلنضع مصلحة الطالب فوق كل اعتبار، ولنعمل جميعًا – وزارةً، ومجتمعًا، وأولياء أمور – من أجل تعليم يبني ولا يهدم، ويشجع ولا يحبط، ويطلق الطاقات من أجل النجاح، والتفوق.

 

والله من وراء القصد.

‫شاهد أيضًا‬

الزين اب شنب يكتب التصنيف الأمريكي لمرتزقة الجنجويد كجماعة إرهابية… بداية لعاصفة محلية وإقليمية

لم يكن قرار الولايات المتحدة بالاتجاه نحو تصنيف “قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية مج…