نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: حكومة من رحم الفوضى

في عالم السياسة، كما في الطب، لا يولد كل حمل حياةً فبعض الولادات تأتي خارج الرحم، ومعها يُولد الخطر. وما حدث مؤخراً في نيروبي من إعلان حكومة تأسيسية، هو مثال حيّ لحمل سياسي خارج الشرعية، وولادة مشوهة من رحم المعاناة. حكومة رقمية لا تنتمي لجسد الوطن، وإنما وُلدت على أطرافه، دون نبضٍ شعبي أو دستورٍ يحفظ لها الحياة. إنها ولادة تعصف بمن أوجدوها قبل أن تؤذي من يعارضونها، إذ هي مشروع سياسي قاصر لا يعيش إلا برئة اصطناعية من الدعم الخارجي، سرعان ما تخذلها الحقائق الميدانية.
جاء هذا الإعلان في وقت تعيش فيه البلاد تحت وطأة أزمة إنسانية خانقة، لتُولد حكومة على صفحات التواصل الاجتماعي بأجسام مدنية غير منتخبة، أبرزها “صمود” بقيادة عبد الله حمدوك، هذه الحكومة حمل خارج الرحم، ولدت مشوهة، وتُهدد حياة من أنجبها أكثر مما تُنقذ السودان.
ما حدث في نيروبي لا يمكن فصله عن محاولات إنتاج الأزمة بصورة جديدة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بشكل أكثر سوءاً هل بعض السودانيين أكثر سوءاً من أفعل الشيطان .
في الوقت ذاته، تستمر العمليات العسكرية للقوات المسلحة السودانية، التي تمكنت من دحر المليشيات في معظم جبهات القتال، خاصة في غرب البلاد. الواقع العسكري لا يدعم أبداً وجود كيان سياسي مدعوم من أطراف فقدت سيطرتها ميدانياً، ما يجعل هذه الحكومة المعلنة محاولة بائسة لإعادة شرعية مفقودة.
شارك في إعلان هذه الحكومة ممثلون من دول إقليمية عدة، مثل كينيا، تشاد، جنوب السودان، أفريقيا الوسطى وإثيوبيا، ما اعتُبر تدخلاًسافراً في شأن السودان الداخلي.هذه الحكومات قبضة الثمن سوف تندم وحينها لاينفع الندم الشعب السوداني لن يغفر ولن يستسلم.
أن التعامل مع هذه الحكومة المشوهة يُعد خرقاً واضحاً لميثاق الاتحاد الأفريقي، الذي ينص على احترام السيادة الوطنية، ويضع الجهات الداعمة في موضع مساءلة دبلوماسية وأخلاقية
حتى الآن، لم تصدر أي جهة دولية رسمية بما فيها الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، أو الاتحاد الأفريقي اعترافاً بهذه الحكومة. ويُرتقب أن يُكشف موقف الرباعية في اجتماعها المزمع نهاية الشهر، حيث يأمل السودانيون أن يكون القرار بعدم الاعتراف هو نقطة الانطلاق لتسوية عادلة تحفظ وحدة السودان وتُنهي الحرب.
في النهاية، يبقى الشعب السوداني هو صاحب الحق الحصري في اختيار من يحكمه. أي مشروع سياسي يُفرض من الخارج دون توافق داخلي، ليس سوى مغامرة خطيرة ستدفع السودان والمنطقة كلها ثمنها وتبقى الحقيقة واضحة الحكومة التي ولدت من رحم الفوضى، لن تعيش طويلاً بل قد تؤدي بحتف من أنجبها. حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته.
meehad74@gmail.com
رئيس تحالف أبناء الشمال: زيارة د. كامل إدريس للقاهرة بداية موفقة ومؤشر خير للسودان
وصف د. الفاتح صالح إدريس الفكي، رئيس تحالف أبناء الشمال، زيارة رئيس الوزراء د. كامل إدريس …