‫الرئيسية‬ مقالات نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: الكرامة المهدورة: سردية الأسير في ماكينة التضليل الحربي
مقالات - ‫‫‫‏‫ساعتين مضت‬

نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: الكرامة المهدورة: سردية الأسير في ماكينة التضليل الحربي

في مشهد صادم يتكرر عبر ساحات النزاع السوداني، تُظهر مقاطع مصورة قيام مليشيات الدعم السريع بتوثيق لحظات أسر المدنيين والجنود النظاميين قبل أن يتم التنكيل بهم بطرق مهينة لا تستند لأي أساس قانوني أو أخلاقي،الهدف من ذلك ليس السيطرة الميدانية بل بناء آلة دعائيةتُرهب وتُضعف الروح المعنوية للشعب السوداني والمجتمع العسكري

 

هذه الممارسات لاتُعدظواهر عابرة بل هي أساليب ممنهجةفي الحرب النفسية، تلجأ إليها بعض الأطراف لتحقيق مكاسب دعائية آنية،لكنها تكشف عن انحطاط في الالتزام بمبادئ القانون الدولي الإنساني.

 

عندما تُسخّرالكاميرا لإذلال الأسير فإنها لا تنقل الحقيقة بل تُستخدم لتشويهها. الفيديوهات التي تُظهر الأسرى في أوضاع مهينة غالباً ما تُنشر بهدف خلق حالة من الردع المجتمعي، وكأنها رسالةتقول هكذا سيكون مصيركم إن قاومتم.

 

لكن هذه الرسائل الدعائية كثيراًما ترتد على صانعيها، فالشعب السوداني، الذي خبر الانقلابات والصراعات، بات يميّز بين التخويف والدعاية، وبين الحقيقة والمزايدة. لم تنجح هذه المشاهد في كسر إرادته ،بل عززت من وحدة موقفه ورفضه لمنطق الإذلال

 

وفقاًلاتفاقيات جنيف،فإن تعريض الأسرى للإهانة أو التشهير بهم يُعد انتهاكاً صارخاً، يُصنّف كجريمة حرب كما ورد بالمادة الثالثة من الاتفاقيات تنص على وجوب المعاملة الإنسانية للأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، بما في ذلك الأسرى.

 

كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يُتيح ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، بغضّ النظرعن رتبهم أو مناصبهم. لكن تفعيل المساءلة يتطلب توثيقاً قانونياً دقيقاً، وتعاوناً دولياً، ودفعاً شعبياً لا يرضى بتكميم الجراح بالصمت.

 

المفارقة في كل ما يحدث هي أن الشعب السوداني، بدلاًمن أن ينكسر، يزداد تمسكاًبالكرامة. فكل صورة تعذيب تُقابل بإصرار على فضح المجرم، وكل مشهد إذلال يُردّ عليه بروايات بطولة تُعيد الاعتبار للأسرى وتمنحهم وجهاً من وجوه المقاومة.

 

هذاالوعي الجمعي يرفض التعامل مع الأسير كرقم أو أداة دعائية، بل يراه إنساناً يستحق الإنصاف والحماية، ويُطالب بأن تكون العدالة أقوى من العدسة، وأن يُرفع صوت القانون فوق صوت السلاح.حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته. meehad74@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

اوشيك تبحث فرص التعاون مع الاتحاد الأفروآسيوي

على هامش مشاركتها في مؤتمر السياحة العلاجية المنعقد بالقاهرة، أجرت الدكتورة سامية أوشيك ال…