نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: تيك توك وتأكل القيم السودانية: بين الترفيه والانهيار الأخلاقي

في قلب التحولات الرقمية التي تجتاح العالم، يقف تيك توك كواحد من أكثر التطبيقات تأثيراً على سلوكيات الشباب، لا سيما في المجتمعات التي ما زالت تحاول التوفيق بين الحداثة والأصالة. السودان، بثقافته العريقة وقيمه المتجذرة،
لم يكن بمنأى عن هذا التأثير. فبينما يراه البعض منصة للإبداع والتعبير، يرى آخرون أنه أصبح بوابة لانهيار تدريجي في منظومة الأخلاق والقيم التي لطالما شكلت هوية المجتمع السوداني.
من خلال مقاطع قصيرة لا تتجاوز الدقيقة، يُعاد تشكيل مفاهيم الجمال، النجاح، وحتى الرجولة والأنوثة. لم تعد القيم تُكتسب من الأسرة أو المدرسة، بل من ترندات عابرة ومؤثرين يبحثون عن الشهرة بأي ثمن.
المحتوى الذي يُروّج له في كثير من الأحيان يتعارض مع المبادئ الدينية والاجتماعية، ويغذي ثقافةالاستعراض والانفصال عن الواقع. شباب في مقتبل العمر يتقمصون شخصيات لا تشبههم، ويتبنون سلوكيات لا تمت لبيئتهم بصلة، فقط لأن الخوارزمية كافأتهم بمزيد من المشاهدات.
الخطير في الأمر ليس ما يُعرض، بل ما يُغيب. فتيك توك لا يمنح مساحة كافية للمحتوى التربوي أو الثقافي، بل يدفع نحو ما هو مثير وسريع الانتشار.
وهنا،تتراجع القيم أمام موجة من السطحية، ويصبح التفاعل الرقمي أهم من التفاعل الإنساني. حتى اللغة السودانية الأصيلة بدأت تفقد بريقها، لتحل محلها تعبيرات دخيلة ومصطلحات مستوردة لا تحمل روح المكان ولا عبق التاريخ.
في ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة إلى وقفة مجتمعية جادة. ليس الهدف محاربة التكنولوجيا، بل توجيهها نحو ما يخدم الهوية السودانية ويعزز من قيمها. فالسودان لا يفتقر إلى المبدعين، لكنه بحاجة إلى منصات تحترم خصوصيته الثقافية وتمنح الشباب فرصة للتعبير دون أن يفقدوا أنفسهم في زحام المحتوى العالمي.
تيك توك ليس مجرد تطبيق، بل مرآة تعكس ما نسمح له أن يتسلل إلى وجداننا والي الأسر. وإذا لم نتحرك اليوم لحماية قيمنا، فقد نستيقظ غداً على مجتمع يشبه الجميع… إلا نفسه. حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته.
meehad74@gmail.com
الهندي عزالدين التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية
ودّعنا فجر أمس ، من محطة السد العالي في “أسوان” الجميلة الرائعة ، ركاب القطار …