‫الرئيسية‬ مقالات من حروفي خالد الفكي سليمان للسودانيين في سجون المليشيات الليبية.. قضية! (2-2)
مقالات - ‫‫‫‏‫3 أسابيع مضت‬

من حروفي خالد الفكي سليمان للسودانيين في سجون المليشيات الليبية.. قضية! (2-2)

من حروفي     خالد الفكي سليمان     للسودانيين في سجون المليشيات الليبية.. قضية! (2-2)

ابتزاز وتعذيب، إذلال ومطالبات بفدية ومساومات مالية، وغير ذلك من أشكال التعامل اللاأخلاقي الذي يعانيه عدد من السودانيين المعتقلين قسراً خلف قضبان سجون المليشيات الليبية. وهناك، خلف الأبواب الموصدة

 

تتوقف عقارب الزمن عند لحظة ألمٍ لا تنتهي، حيث لا حدود لما يمكن أن يتصوره العقل البشري من أصناف العذاب الجسدي والنفسي الذي يلتف حول أعناق المعتقلين كحبال خانقة، في غياب أي مسوغات قانونية أو مسارات عدلية تحفظ الحقوق وتمنع إهدار الكرامة الإنسانية.

 

السودانيون في سجون المليشيات الليبية يواجهون مشكلات نفسية قاسية وأوضاعاً بالغة السوء والتعقيد. ووفقاً لمحدثي، الناجي من أحد السجون الموسوم بـ”أبو غريب”، فإن المعتقل أشبه بمقبرة للأحياء، أشبه بحظيرة مظلمة مكتظة بالبشر

 

بلا مرافق صحية أو هواء نقي أو أجهزة تبريد تقي من لهيب الصيف. يُحشر مئات المعتقلين كالقطعان، يُساقون إلى مصير مجهول دون رحمة، حيث يجد الواحد نفسه يدوس على جسد رفيقه من شدة الزحام وضيق المكان، بينما تتناثر في المكان روائح العرق والقاذورات كأنها شهادة يومية على إذلال إنسانيتهم.

 

الناجي الذي حدثني عن السجن سيئ الذكر “أبو غريب”، كان يبكي بحرقة وهو يروي قصة طفلة لم تتجاوز العاشرة، لفظت أنفاسها الأخيرة بين ذراعي أمها، جوعاً ووهناً، في مشهد يُمزق نياط القلب ويترك في الروح ندبة لا تزول. وأضاف بصوت متهدج: “هناك عشرات القصص التي تعجز الكلمات عن وصفها”.

 

ثم طالب مجلس الوزراء والوزارات والمؤسسات ذات الصلة في السودان بالتحرك العاجل لإنقاذ السودانيين من هذا الجحيم، موضحاً أن تلك المليشيات تتاجر بالبشر وتبتزهم عبر وسطاء، مطالبة بفدية مالية تختلف من معتقل مليشيا إلى أخرى، وكأن أرواح الناس سلعة رخيصة على موائد المساومات.

 

ما يحدث داخل معتقلات المليشيات الليبية، وخاصة للسودانيين الذين حملوا أحلامهم على ظهورهم وهاجروا إلى الشقيقة ليبيا بحثاً عن لقمة عيش كريمة، ليس سوى مأساة إنسانية كبرى تستصرخ الضمائر الحية.

 

إنها جراح نازفة تتطلب تدخلاً عاجلاً من الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية، والضغط بكل الوسائل على تلك المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، التي تمارس أفعالاً تتجاوز كل الخطوط الحمراء، وتنتهك أبسط حقوق الإنسان.

 

رئيس مجلس الوزراء، البروفيسور كامل إدريس الطيب، مطالب بفتح قنوات تواصل مباشرة مع الجهات الرسمية في ليبيا، للتحقق من مأساة السودانيين داخل هذه المعتقلات التي لا تصلح حتى للجرذان. سجانوها يشددون على المفرج عنهم بعد دفع الفدية بالصمت،

 

ويهددونهم بالموت إن تجرأوا على كشف ما عانوه خلف القضبان. هكذا يتحول الصمت نفسه إلى سجن آخر يطاردهم حتى خارج الأسوار.

 

وفي المقابل، لا تزال تحركات الأمم المتحدة ومنظماتها خجولة وبطيئة، لا ترقى إلى مستوى المأساة. أما برنامج العودة الطوعية فيتعثر أمام عقبات كثيرة: لا خطوط طيران مباشرة بين السودان وليبيا،

 

ولا قدرة للمعتقلين على التواصل مع القنوات الدولية أو الوطنية بعدما سُرقت منهم كل مقتنياتهم، خاصة الهواتف التي كانت شريان اتصالهم بالعالم. وهكذا يطول ليل الغربة والانقطاع عن الأهل، ليتحول الانتظار إلى كابوس يومي.

 

إنها ليست مجرد قصص تُروى، بل نداءات استغاثة مكتومة تصعد من حناجر عطشى وقلوب مقهورة. معتقلون سودانيون كانوا يحلمون فقط بكرامة محفوظة وبحياة تُبنى بعرق الجبين، فإذا بهم يجدون أنفسهم أسرى في دهاليز العتمة، لا ذنب لهم سوى أنهم بحثوا عن غدٍ أفضل.

 

📧 Khalidfaki77@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

الهندي عزالدين  التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية

ودّعنا فجر أمس ، من محطة السد العالي في “أسوان” الجميلة الرائعة ، ركاب القطار …