غباء المي_ليش_يا يقاتل في صفوف الجيش الركابي حسن يعقوب

استطاع سلاح الجو بالقوات المسلحة الباسلة في إكمال عملية إنزال جوي احترافية ناجحة فجر اليوم الثلاثاء إلى داخل مدينة الفاشر التي ترزح تحت وطأة حصار مضروب عليها من قبل ميليشيا الدعم السريع الإرهابية منذ نحو عامين..
ويعتبر هذا الإنزال الجوي إختراق شديد الأهمية ويأتي في ذروة معاناة أهل مدينة الفاشر من آثار الحصار الذي يهدف إلى إنهاك السكان المدنيين عبر سياسة تجويع متعمدة وممنهجة، مترافقة معها سياسة إمراض – إن جاز التعبير – وذلك عبر منع إدخال المساعدات والمؤن والامدادات الصحية إلى المحتاجين لها بالمدينة، خاصة وأنها تؤوي نازحين يعيشون أوضاعاََ صحية مزرية وغاية في السوء بسبب الحصار والقصف المستمر بالمدفعية والطائرات المسيرة من قبل الميليشيا الإرهابية ..
وتهدف ميليشيا الدعم السريع الإرهابية وجناحها السياسي تأسيس من وراء هذا الحصار الجائر إلى إجلاء أهالي الفاشر منها أو استسلامهم وكسر صمود الفرقة السادسة مشاة بالفاشر تمهيداََ لاقتحام المدينة والسيطرة عليها تنفيذاََ لمشروع سياسي يرمي إلى فصل إقليم دارفور وفرض واقع جديد يقوم على إعلان دارفور دولة مستقلة بعد أن أعلنت الميليشيا وجناحها السياسي تأسيس قبل نحو شهر عن حكومتها الموازية ونصبت المتمرد حميدتي رئيساََ لها..
لكن وبهذا الإنزال الجوي الناجح الذي نفذته القوات المسلحة اليوم تكون قد كتبت بداية النهاية ليس فقط لمشروع الميليشيا الانفصالي، وإنما أيضاً لوجود الميليشيا نفسها حيث يتيح هذا التطور المهم للقوات المسلحة عبر الفرقة السادسة مشاة تدعيم وتقوية دفاعاتها في مواجهة أي هجوم محتمل قد تشنه الميليشيا الإرهابية على المدينة، ومن ناحية أخرى يتيح هذا التطور النوعي للقوات المسلحة والقوات المساندة لها القادمة من كردفان الكبرى إتخاذ وضع هجومي مريح من شأنه أن يضع قوات الميليشيا في (كماشة) لا سبيل لها من الإفلات منها.
حينما أعلن مستشار الرئيس الأمريكي ترامب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعود بولوس قبل أسبوع عن موافقة ميليشيا الدعم السريع الإرهابية على السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر ظن الكثير من المراقبين أن الميليشيا تناور بهذه الموافقة وأنها ستبدي تعاوناََ غير مسبوق مع الأمم المتحدة في هذا الشأن من أجل كسب تأييد ودعم الدوائر الدولية للاعتراف بحكومتها الموازية ومن ثم ضمان أن يكون لها مقعد كطرف مفاوض موازي للحكومة السودانية، ولكن ولأن من يفكر للميليشيا يتمتع بغباء (مميز) إتضح أنها مجرد خدعة لكسب الوقت فقط ولإشاعة حالة من الاسترخاء في صفوف الجيش والقوات المساندة له ومن ثم قيادة هجوم مباغت وهو ما حدث أمس الأول الأحد حين نفذت الميليشيا الإرهابية هجوماََ على شمال وغرب مدينة الفاشر في محاولة لاقتحام المدينة باءت بالفشل حيث سحق الجيش والقوات المساندة له الهجوم مكبدة الميليشيا خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وهكذا هو غباء الميليشيا وتكرارها المستمر للأخطاء مضيعة بذلك على نفسها الفرصة تلو الأخرى المتمثلة في أطواق النجاة التي مُدت لها في محطات عديدة طوال سنوات الحرب التي بدأتها وعجزت عن إنهائها لصالحها، ففي أعقاب توقيعها على إتفاق جدة في مايو 2023 الذي قضى بخروج الميليشيا من منازل المواطنين والأعيان المدنية كان هذا الإتفاق الطوق الأول لها للنجاة من الغرق ورغم موافقتها على بند الخروج إلا أنها لم تخرج، بل اعتبرت منازل المواطنين أراضي ومناطق محررة بموجب قوانين الحرب، وعمدت إلى التوسع جنوباََ نحو ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض وغرباََ نحو ولايات كردفان..
فكانت النتيجة أن تم إخراجها عنوة واقتداراََ بواسطة الجيش والقوات المساندة له وتكبيدها خسائر جمة في الأرواح وتركت خلفها عتاداََ عسكرياََ متقدماََ ووثائق تشهد على تورط أطراف إقليمية ودولية فضلاََ عن حدوث تصدعات وانشقاقات داخل كيان الميليشيا أصبح آخذاََ في الإزدياد يوماََ بعد يوم .
والطوق الثاني الذي مُدّ للميليشيا الإرهابية ولم تلتقطه بل قذفت به بعيداََ تمثل في مناشدة الأمم المتحدة لها بالسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين من المدنيين المحاصرين في الفاشر،
كان هذا العرض يمكن أن يكون مخرجاً للميليشيا من مأزقها وموقفها العسكري الحرج إلى رحاب طاولات المفاوضات والمحادثات التي تسعى لعقدها دوائر غربية على رأسها الولايات المتحدة وهي دوائر لا يخفي على مراقب حصيف حقيقة انحيازها للميليشيا تحت لافتة تقويض نفوذ الإسلاميين الذين تعتقد هذه الدوائر أنهم يحركون بوصلة الأحداث في البلاد من خلف الكواليس صوب نقطة الإنطلاق نحو العودة مجدداََ إلى السلطة بعد الإطاحة بهم منها قبل أكثر من ستة أعوام مضت، وهو اعتقاد لم يستطع أحد من معتنقيه بالداخل والخارج حتى الآن من تقديم شواهد وأدلة على صحته.
وتبقى حقيقة واحدة أصبحت الآن جلية وواضحة وضوح الشمس وهي أن الميليشيا فقدت آخر فرصها للنجاة من مصير محتوم وهزيمة وشيكة ليس لها من دافع تؤيد وقوعها كثير من المؤشرات الميدانية على ساحة المعركة، وأخرى سياسية تظهر من خلال الخلافات الداخلية المتصاعدة بين مكونات ما يسمى بـ (تأسيس) حول التمثيل داخل كيان الحكومة الموازية وتوزيع المناصب والحقائب الوزارية فيها وتصدع البنية التي تمثل الحاضنة الاجتماعية للميليشيا
فضلاً عن فقدانها للسند الشعبي والجماهيري.
إنه الغباء الذي رافق مسيرة الميليشيا الإرهابية منذ اليوم الأول من تمردها على الجيش والسلطة الشرعية وعدوانها على الشعب السوداني الذي قتّلته ونهبت ممتلكاته واعتدت على عرضه واحتلت منازله وشردته من موطنه وفرقت شمل عائلاته واضطرته للجوء إلى المنافي.
هذا الغباء كان وما يزال سلاحاََ يقاتل في صف الجيش والقوات المساندة له وأنعِم به من سلاح فقد فتك بالميليشيا في مواطن كثيرة، ولكنهم لا يتوبون ولا هم يذّكرون.
القضاء على الميليشيا واستعادة دارفور إلى حضن الوطن لم يعد أملاََ يراود كل سوداني وطني غيور على تراب بلده، ولا هي مجرد أمنيات تجيش بها القلوب، بل أصبحت واقعاََ ملموساََ تراه العين المجردة ولا تحول بينه وبين تحققه إلا عوامل الوقت وفوق ذلك تدابير رب العالمين الذي ما نصر باطلاََ على حق قط.
الهندي عزالدين التحية لجيشنا العظيم ومنظومة الصناعات الدفاعية
ودّعنا فجر أمس ، من محطة السد العالي في “أسوان” الجميلة الرائعة ، ركاب القطار …