من حروفي خالد الفكي سليمان تسكين الكوادر الطبية.. الوفاءٌ للعطاءٍ

khalidfaki77@gmail.com

في الوقت الذي ما تزال فيه الخرطوم تضمد جراحها النازفة بعد شهورٍ طويلة من حربٍ عصفت بالبنى التحتية وأرهقت الناس، تتجه الأنظار نحو القطاع الصحي، باعتباره شريان الحياة الذي يجب أن يبقى نابضاً مهما اشتدّت الأزمات. وفي هذا السياق، تبرز الخطوة التي أعلنتها وزارة الصحة بولاية الخرطوم لتسكين وتوفيق أوضاع الكوادر الطبية والصحية التي ظلت تعمل في أصعب الظروف، كخطوة بالغة الأهمية نحو ترميم ما تهدّم وإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

فخلال أيام حرب الكرامة، حين خلت الشوارع وارتجفت المدن، بقي الأطباء والممرضون والمسعفون في مواقعهم، يواجهون الموت بصبرٍ وضميرٍ وطنيٍّ نادر، مسطرين ملاحم من البذل الإنساني والتجرد في سبيل إنقاذ الأرواح. واليوم، يأتي قرار الوزارة كاعتراف رسمي بجميل هؤلاء الذين جعلوا من المهنة رسالةً ومن الواجب الإنساني عنواناً للبطولة.

الوزارة أكدت أنها تمضي بخطوات مدروسة لتقنين أوضاع الكوادر العاملة أثناء الحرب في المؤسسات الصحية بمحليات الولاية السبع، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، بما يضمن استقرارهم المهني والمعيشي. كما شددت على اتخاذ جميع التدابير لتلافي تداعيات الحرب على القطاع الصحي، وضمان استمرار الخدمات التشخيصية والعلاجية بأقرب نقاط ممكنة للمواطنين، مع تأكيدها على انتظام الإمداد الدوائي دون انقطاع.

هذه الجهود ليست مجرد ترتيبات إدارية، بل هي رسالة وفاء وتقدير لمن حملوا على عاتقهم مهمة البقاء في خطوط النار الإنسانية. كما أنها تمثل أساساً لإعادة بناء نظام صحي resilient وقادر على مواجهة الكوارث والأزمات المستقبلية.

إن تسكين الكوادر الطبية وتوفير بيئة عمل مستقرة لهم، إلى جانب تأهيل المراكز الصحية بالأحياء، يمثلان حجر الزاوية في عودة الحياة الطبيعية إلى الخرطوم. فصحة المواطن هي أول بوابة للسلام المجتمعي، ومن واجب الدولة أن تكرّم من صانوا هذه البوابة بأرواحهم وسواعدهم يوم اشتد البلاء, وهكذا تكتب وزارة الصحة صفحة جديدة في سجل الوفاء، عنوانها: “من أنقذ الحياة… يستحق أن تُصان حياته.”