‫الرئيسية‬ مقالات حديث الساعة إلهام سالم منصور السودان وصراع المصالح والحفاظ علي  السيادة
مقالات - ‫‫‫‏‫3 ساعات مضت‬

حديث الساعة إلهام سالم منصور السودان وصراع المصالح والحفاظ علي  السيادة

حديث الساعة  إلهام سالم منصور  السودان وصراع المصالح والحفاظ علي   السيادة

تحليل سياسي

السودان بين المصالح الدولية والتمسك بالسيادة

في خضم المشهد السياسي والعسكري المحتدم، برزت أنباء عن مفاوضات تجري بين الجيش السوداني والجانب الأمريكي، بالتزامن مع زيادة وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى السودان، في خطوة أثارت تساؤلات واسعة حول الدوافع الحقيقية والأهداف الخفية وراء هذا التحرك المفاجئ.

الولايات المتحدة، التي ظلت تتابع الوضع السوداني عن كثب منذ اندلاع الحرب، تسعى – بحسب مراقبين – إلى إعادة صياغة المشهد بما يخدم مصالحها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، مستخدمة أدوات الدبلوماسية والضغط الناعم لتوجيه مسار الأحداث.

بينما يرى آخرون أن واشنطن تحاول إعادة بناء الثقة مع المؤسسة العسكرية بعد تراجع نفوذها لصالح قوى إقليمية أخرى، خاصة مع تغيّر موازين القوى في الميدان.

أما مجلس السلم والأمن الإفريقي، فإن مضاعفة عدد أعضائه في الوفد القادم إلى السودان تشير بوضوح إلى نية الاتحاد الإفريقي لعب دور أكبر في الوساطة السياسية، وربما فرض حلول توافقية تمهّد لتسوية شاملة.

غير أن السؤال الجوهري يظل مطروحًا: هل يتحرك المجلس بإرادته، أم بضغط من قوى خارجية تبحث عن موطئ قدم في القرار السوداني؟

روسيا والبحر الأحمر… فراغ النفوذ وصراع المصالح

وفي موازاة تلك التطورات، برزت معلومات عن تنازل روسيا عن مشروع القاعدة البحرية في البحر الأحمر، وهي خطوة لم تمر مرور الكرام في واشنطن ولا في العواصم الإقليمية.

فالقاعدة الروسية، التي كانت تمثل بوابة نفوذ موسكو في قلب الممرات المائية الإستراتيجية للسودان، كانت تشكّل هاجسًا مستمرًا للولايات المتحدة وحلفائها، لما تمنحه من قدرة على مراقبة الملاحة في البحر الأحمر وربطها بخطوط النفوذ الروسي في القرن الإفريقي.

تنازل موسكو عن المشروع – سواء لأسباب سياسية أو تكتيكية – فتح الباب واسعًا أمام واشنطن لاستعادة موقعها في المعادلة السودانية، وأعطاها مبررًا لإعادة ترتيب وجودها الدبلوماسي والعسكري في المنطقة.

فأمريكا تدرك أن البحر الأحمر لم يعد مجرد ممر تجاري، بل أصبح شريانًا إستراتيجيًا تتحكم به القوى الكبرى لتأمين مصالحها في الطاقة والتجارة والدفاع، ولذلك فإن أي فراغ تتركه موسكو ستسعى واشنطن لملئه بسرعة وبأدوات متعددة، تبدأ بالدبلوماسية ولا تنتهي بالتواجد الاستخباراتي والعسكري غير المعلن.

لكن في المقابل، تخشى الولايات المتحدة من أن يؤدي انسحاب روسيا إلى تنامي أدوار قوى إقليمية أخرى مثل الصين وبعض الدول ذات الطموح البحري، مما يجعل الموقف الأمريكي محكوماً بمزيج من الطموح والقلق.

فهي تريد السيطرة على مسار الأحداث في البحر الأحمر، لكنها تدرك أن السودان اليوم ليس كما كان بالأمس، وأن أي خطوة غير محسوبة قد تُفهم كاختراق للسيادة الوطنية، فتثير غضب الشارع السوداني الذي يرفض أي وصاية أو تبعية.

مسعد يونس… الصوت الأمريكي في الملفات العربية

وفي هذا السياق، يبرز اسم مسعد يونس، أحد الشخصيات البارزة داخل الإدارة الأمريكية والمسؤول عن ملفات الشؤون العربية والإفريقية.

يلعب يونس دورًا محوريًا في صياغة مقاربة واشنطن تجاه السودان والمنطقة، ويُنظر إليه كأحد مهندسي التواصل الأمريكي مع الأطراف العربية ذات التأثير في مسار الأزمة.

تتحرك رؤيته – وفق مصادر دبلوماسية – على قاعدة “الاستقرار عبر التفاهم”، لكنه في الوقت ذاته يسعى إلى ضمان النفوذ الأمريكي في البحر الأحمر، ما يجعل مواقفه تحمل دائمًا بُعدًا مزدوجًا بين المصالح الأمريكية والتوازن الإقليمي العربي.

ويرى مراقبون أن تحركات مسعد يونس الأخيرة قد تكون مقدمة لتغيير في سياسة واشنطن تجاه السودان، ومحاولة لخلق تفاهمات جديدة مع القوى الوطنية الفاعلة، وعلى رأسها الجيش السوداني.

لكن في المقابل، يواجه رفضًا واسعًا من القوى الوطنية التي تعتبر أن السودان لا يقبل الإملاءات الخارجية، وأن أي حوار لا بد أن يكون على قاعدة الندية واحترام السيادة.

ما بعد الرفض السوداني… إلى أين تتجه الأمور؟

بعد تمسك حكومة السودان بموقفها الرافض لأي إملاءات خارجية، دخل المشهد مرحلة جديدة تتسم بالتوتر الدبلوماسي والاصطفاف الإقليمي.

فالسودان، الذي أعلن بوضوح أن قراره الوطني لا يُشترى ولا يُفرض عليه من الخارج، يواجه الآن اختبار السيادة أمام القوى الكبرى، خصوصًا واشنطن التي كانت تراهن على ليونة الموقف الرسمي في الخرطوم.

هذا الرفض الصريح قد يؤدي إلى تجميد بعض المسارات الدبلوماسية مؤقتًا، وربما محاولات أمريكية للضغط الاقتصادي أو السياسي عبر المنظمات الدولية.

لكن في المقابل، يعزز الموقف السوداني ثقة الشارع في حكومته ومؤسساته العسكرية، ويؤكد أن البلاد تسير نحو تثبيت استقلال قرارها الوطني رغم كل التحديات.

ومن المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة تحركات روسية وصينية وعربية لملء الفراغ الذي قد تتركه واشنطن، مما سيجعل السودان محورًا لتقاطع المصالح الدولية أكثر من أي وقت مضى.

فمن يربح السودان اليوم يربح موقعًا إستراتيجيًا في قلب إفريقيا وعلى بوابة البحر الأحمر، ولذلك فإن الصراع عليه لن يكون سهلًا ولا قصير المدى.

يا أبناء السودان، يا من سقيتم ترابه بالعرق والدم، لا تجعلوا الوطن ساحة مساومات ولا موطئ أقدام للأجندات الأجنبية.

السودان أكبر من كل الأحزاب، وأعظم من كل المفاوضات، فهو أرض الرسالات والتاريخ والمجد.

ليكن شعارنا اليوم: لا صوت يعلو فوق صوت الوطن، ولا مصلحة تعلو على مصلحة السودان.

فلتتوحد القلوب كما تتحد البنادق في ميادين الشرف، ولتعلُ راية السودان خفاقة رغم أنف الحاقدين.

كلنا السودان… كلنا الوطن الذي لا يُباع وإن غالوا في الثمن.

‫شاهد أيضًا‬

قبل المغيب عبدالملك النعيم احمد المجلس التنسيقي للصحفيين

26 أكتوبر 2025م في الأخبار أن مجموعة من الزملاء الصحفيين قد تنادوا بعضهم البعض في مدينة بو…