نقطة ارتكاز د. جادالله فضل المولي يكتب: ثورة ديسمبر بين الشعارات والخراب

منذ اندلاعها، وُصفت ثورة ديسمبر بأنها لحظة مفصلية في تاريخ السودان، لكن الواقع الذي تلاها كشف عن وجه آخر لم يكن في حسبان كثيرين. فبدلاً من أن تكون بوابة للحرية والعدالة، تحوّلت إلى نكبة سياسية واجتماعية دفعت البلاد نحو الهاوية، وأتت بمنظومة من النشطاء والسياسيين الذين ارتبطوا بأجندات خارجية، لا تعكس تطلعات الشعب السوداني ولا تحترم تضحياته.
لقد عانى المواطن السوداني بعد الثورة من ضنك العيش، وانعدام الأمن، وتفكك مؤسسات الدولة، في ظل شعارات براقة لم تجد طريقها إلى الواقع. فالمشهد السياسي الذي أعقب الثورة لم يكن سوى إعادة إنتاج لأزمات قديمة، ولكن بوجوه جديدة، بعضها لا يخجل من الترويج لمظاهرات جديدة تحت شعار استرداد الحكم المدني، في وقت تعيش فيه البلاد حرباً طاحنة، وتشريد جماعي، وانهياراً اقتصادياً غير مسبوق.
من يروجون لهذه التحركات لا يسألون أنفسهم: أين كنتم حين جاع الناس؟ أين كانت أصواتكم حين اغتُصبت الحقوق وتفككت الأسر؟ هل وقفتم مع الشعب أم كنتم منشغلين بتقاسم السلطة؟ إن من يسعى للحكم على جماجم الأبرياء لا يمكن أن يكون صوتاً للمدنية، ولا ممثلاً لطموحات شعب أنهكته الأزمات.
إن السودان اليوم لا يحتاج إلى شعارات جديدة، بل إلى مراجعة حقيقية لما جرى، وإلى قيادات تتحلى بالمسؤولية، لا بالخطابة. فالشعب السوداني الذي ذاق الأمرّين لا يخشى شيئاً بعد الآن، لكنه يرفض أن يُستغل مرة أخرى باسم الثورة، أو أن يُحكم بمنطق الوصاية.
المرحلة القادمة يجب أن تكون للوعي، لا للتجييش، وللإنقاذ الحقيقي، لا للمزايدات. فالوطن لا يُبنى على أنقاض الكراهية، ولا تُسترد مدنيته عبر الفوضى، بل عبر مشروع وطني جامع، يضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار.
وإذا كانت ثورة ديسمبر قد كشفت هشاشة الشعارات أمام تحديات الواقع، فإن ما يحتاجه السودان اليوم ليس ثورة جديدة، بل نهضة واعية، تستلهم الدروس، وتعيد الاعتبار للعقلانية السياسية، وتمنح الشعب حقه في تقرير مصيره بعيداً عن التلاعب والتضليل. فالوطن لا يُستعاد بالهتاف، بل بالبناء، ولا يُحمى بالتحزب، بل بالوحدة.
meehad74@gmail.com
وهج الكلم د.حسن التجاني الي فاشر السلطان تقودني روحي ثم احساسي..الحلقة (9)..!!
لن تنهزم فاشر السلطان باذن الله … يكفيها صمودها حتي اللحظة رغم صعوبة الحياة التي قاد…