شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر “سيادة السودان أولًا: نقد التناول الأوروبي للسلام وتجربة ‘آل دقلو’

Ghariba2013@gmail.com
تتسارع الأحداث في السودان، وتتوالى البيانات والمواقف الإقليمية والدولية حول الأزمة التي أشعلتها “مليشيا آل دقلو الإرهابية”، وفق التوصيف الرسمي للحكومة السودانية. وفي هذا السياق، جاء بيان وزارة الخارجية السودانية ليضع النقاط على الحروف، مُعربًا عن رغبة أكيدة في سلام عادل يلبي طموحات الشعب ويسترد حقوقه وكرامته، ومُسلطًا الضوء على ما اعتبره “تناولًا غير موفق” من قبل مجلس الاتحاد الأوروبي للوضع الراهن.
إن جوهر الموقف السوداني، كما عكسته الخارجية، يكمن في مبدأين أساسيين لا يقبلان المساومة: سيادة الدولة ووحدة ترابها، وعدم المساواة بين الدولة الشرعية ومليشيا إرهابية عنصرية. هذا الموقف ليس مجرد تمسك بروتوكولي، بل هو رفض قاطع لاستنساخ “التجارب التي أدت لتمرد مليشيا آل دقلو” عبر منحها شرعية سياسية قد توفر لها موقعًا للانخراط مع الفاعلين الإقليميين والدوليين، وهو ما يراه البيان الأوروبي قد وقع فيه المجلس.
تُظهر الخلاصة الأوروبية، من منظور الخرطوم، تداخلًا في أجندات الدول يُقدم مصالحها العليا على “تحقيق السلام كمبدأ أساسي في السودان”.
هذا التناقض يضع علامات استفهام كبيرة حول جدية المجتمع الدولي في تحقيق سلام حقيقي ومستدام، لا مجرد “هدنة” تكتيكية. فالحكومة السودانية ترى أن المطالبة بهدنة تمنح المليشيا الإرهابية الوقت الكافي لالتقاط أنفاسها وحشد قواتها، كما حدث في مفاوضات جدة، يُعد خدمة غير مباشرة لأجندة التمرد.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو ما أشارت إليه الحكومة السودانية بشأن ازدواجية المعايير.
فبينما يستمر حصار الفاشر واستخدام التجويع والتشريد والعنف الممنهج كسلاح حرب من قبل المليشيا، ضاربًا عرض الحائط بقرارات دولية مثل قرار مجلس الأمن 2736/2024م، نجد أن التركيز الأوروبي ينصب على “هدنة” عامة، بدلاً من الضغط المباشر لتنفيذ القرارات الدولية بوقف انتهاكات المليشيا. هذا التغافل عن تجاوزات فئة “قتلت ونهبت ودمرت مقدرات الشعب السوداني” ومنحها “شرعية الجلوس للتفاوض” يمثل في نظر الحكومة السودانية “إعادة إنتاج لها في ثوب سياسي جديد”.
إن الانفتاح السوداني على المجتمعين الإقليمي والدولي لتحقيق السلام هو أمر مؤكد، لكنه مشروط. هو انفتاح لا يعني قبولًا بأي طرح “لا يحترم سيادة السودان على أراضيه ووحدة ترابه وعزة شعبه”. وفي الوقت الذي تُقدر فيه الحكومة تأكيد المجلس الأوروبي على هذه المبادئ، فإنها تذكره بضرورة مواءمة الأفعال والمواقف مع هذا التأكيد. فالسلام الحقيقي لا يُبنى على المساواة بين الضحية والجلاد، ولا على مكافأة الإرهاب بمنصة سياسية.
ختامًا، تذكّر وزارة الخارجية السودانية بأن مرجعها الرئيس في الانخراط البناء مع المجتمعين الإقليمي والدولي هو توفير الأمن والاستقرار للشعب السوداني واستعادة حقوقه ومكتسباته. هذا الواجب الوطني، المدعوم بمواقف المنظمات الإقليمية كـ “الجامعة العربية” و “الاتحاد الأفريقي” التي أدانت انتهاكات المليشيا، يجب أن يكون البوصلة لكل الجهود الدولية.
إن سيادة السودان ووحدة ترابه ليست مجرد شعارات، بل هي الأساس الذي يجب أن ينطلق منه أي مسعى جاد نحو سلام عادل ومستدام، يوقف نزيف الدم ويسترد للشعب عزته المسلوبة.
مجلس السيادة يحسم الجدل بشان ماتردد عن مفاوضات مع المليشيا
مجلس السيادة الانتقالي ينفي بشكل قاطع ما تم تداوله في بعض الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل…





