‫الرئيسية‬ مقالات نقطةإرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب:حينَ تنتصرُ الحكمةُ على السلاحِ وتعودُ أبوظبي إلى رشدِها
مقالات - ‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

نقطةإرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب:حينَ تنتصرُ الحكمةُ على السلاحِ وتعودُ أبوظبي إلى رشدِها

نقطةإرتكاز   د.جادالله فضل المولي   يكتب:حينَ تنتصرُ الحكمةُ على السلاحِ وتعودُ أبوظبي إلى رشدِها

في خضمِّ النيرانِ المشتعلةِ في السودانِ وفي ظلِّ حربٍ مدمرة مزّقتْ أوصالَ الوطنِ وشرّدتْ الملايينَ ودمّرتْ البنية التحتيةَ وهدّدتْ وحدةَ الترابِ السودانيِّ يبرزُ سؤالٌ أخلاقيٌّ وسياسيٌّ لا يمكنُ تجاهلُه إلى متى تستمرُّ بعضُ العواصمِ في تغذيةِ هذا الصراعِ وإذكاءِ نيرانِه عبرَ دعمِ مليشياتٍ لا تؤمنُ بالدولةِ ولا تعترفُ بالقانونِ ولا تملكُ مشروعاً سوى الخرابِ.

 

إنَّ ما تقومُ بهِ حكومةُ أبوظبي من دعمٍ مباشرٍ وغيرِ مباشرٍ لمليشياتِ الدعمِ السريعِ لا يمكنُ وصفُهُ إلّا بأنّهُ انحيازٌ فجٌّ للفوضى وتدخّلٌ سافرٌ في شؤونِ دولةٍ ذاتِ سيادةٍ هذا الدعمُ لم يُنتجْ إلّا مزيداً من الدماءِ والدمارِ ولم يُسهمْ في إحلالِ السلامِ أو تحقيقِ الاستقرارِ بل زادَ من تعقيدِ المشهدِ وأطالَ أمدَ الحربِ وعمّقَ الجراحَ.

 

ما الذي يُمكنُ أن يحدثَ لو عادتْ حكومةُ أبوظبي إلى رشدِها وسحبتْ يدَها من هذا المستنقعِ الدامي وتخلّتْ عن دعمِ المليشياتِ وقرّرتْ أن تتعاملَ مع السودانِ كدولةٍ لا كساحةِ نفوذٍ أو حلبةِ صراعٍ بالوكالةِ.

 

ما الذي يمنعُ أن تكونَ أبوظبي شريكاً في السلامِ لا في الحربِ أن تكونَ داعماً للاستقرارِ لا راعياً للانقسامِ أن تُعيدَ حساباتِها وتُدركَ أنَّ ما تستخدمُهُ من أدواتِ القوةِ ضدَّ السودانِ لا يُنتجُ إلّا مزيداً من القوةِ المضادةِ ومزيداً من الشدةِ والرفضِ الشعبيِّ

 

السودانُ ليسَ ساحةً مفتوحةً لتصفيةِ الحساباتِ الإقليميةِ وليسَ حديقةً خلفيةً لأحدٍ بل هو وطنٌ عريقٌ ذو سيادةٍ وتاريخٍ ومكانةٍ لا يُمكنُ اختزالُهُ في صراعِ مليشيا أو طموحِ جنرالٍ أو أجندةِ دولةٍ تبحثُ عن موطئِ قدمٍ في رمالِ المنطقةِ المتحرّكةِ.

 

إنَّ العودةَ إلى الدبلوماسيةِ واحترامِ سيادةِ السودانِ والتعاملِ معهُ بنديّةٍ لا بتعالي هو الطريقُ الوحيدُ لبناءِ علاقاتٍ متوازنةٍ ومستقرةٍ بين الشعوبِ والحكوماتِ فالدولُ لا تُبنى على أنقاضِ الآخرينَ ولا تُزدهرُ على حسابِ دماءِ الأبرياءِ.

 

ما أحوجَ السودانَ اليومَ إلى محيطٍ إقليميٍّ عاقلٍ يُدركُ أنَّ أمنَ السودانِ من أمنِ الجميعِ وأنَّ استقرارَهُ هو صمّامُ أمانٍ للمنطقةِ بأسرِها وما أحوجَ أبوظبي إلى مراجعةِ سياساتِها في السودانِ وأنْ تُعيدَ تموضعَها على أساسِ المصالحِ المشتركةِ لا التدخّلِ التخريبيِّ.

 

إنَّ التاريخَ لا ينسى والمواقفَ لا تُمحى والذاكرةُ الجمعيةُ للشعوبِ لا تُخدعُ طويلاً فإمّا أنْ تكونَ أبوظبي جزءاً من الحلِّ أو تبقى في خانةِ من ساهموا في تعميقِ الجراحِ وإطالةِ أمدِ المأساةِ.

 

فلتكنْ لحظةُ مراجعةٍ شجاعةٍ ولتكنْ بدايةَ انسحابٍ حكيمٍ من مشهدٍ لم يُنتجْ إلّا الألمَ ولتكنْ خطوةً نحوَ تصحيحِ المسارِ وبناءِ علاقةٍ جديدةٍ مع السودانِ قوامُها الاحترامُ والتعاونُ لا الفرضُ والوصايةُ.

 

السودانُ باقٍ رغمَ الجراحِ وشعبُهُ أقوى من أنْ يُكسرَ وإرادتُهُ في التحرّرِ والبناءِ لا تُقهرُ ومن يُراهنُ على المليشياتِ سيخسرُ ومن يُراهنُ على الشعبِ السودانيِّ سيربحُ وطناً عظيماً يُعيدُ التوازنَ للمنطقةِ ويُثبتُ أنَّ الكلمةَ الأخيرةَ ليستْ للرصاصِ بل للسلامِ.

meehad74@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

حديث الكرامة كالوقي ..بشاعة المجازر تهز صمت المنابر الطيب قسم السيد

يبدو أن السودان قد احكم خطته لتعزيز مساره الدبلوماسي، بنهج فاعل ومؤثر،عبر المنابر الدولية …