‫الرئيسية‬ مقالات حديث الساعة بقلم: إلهام سالم منصور عودة تحت الرماد: هل ينهض المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية من جديد؟
مقالات - ‫‫‫‏‫6 أيام مضت‬

حديث الساعة بقلم: إلهام سالم منصور عودة تحت الرماد: هل ينهض المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية من جديد؟

“تسقط بس”… كانت أكثر من مجرد شعار.

كانت صيحة مدوية أطاحت بنظام دام ثلاثين عامًا، وبدا معها أن صفحة الإسلاميين في السياسة السودانية قد طُويت إلى غير رجعة.

لكن مع مرور الوقت، وبفعل عوامل داخلية وخارجية، يعود السؤال ليطرح نفسه بقوة:

هل ستعود الحركة الإسلامية؟ وهل هناك فرصة فعلية لعودة المؤتمر الوطني إلى المشهد السياسي؟

ما بعد الثورة.. الواقع أصعب من الحلم

عقب سقوط نظام البشير، تنفست البلاد الصعداء، وتعلقت الآمال ببناء دولة مدنية ديمقراطية. لكن الواقع كان أكثر تعقيدًا، فسرعان ما برزت الخلافات وسط قوى الثورة، وتعثرت خطوات الانتقال، وفُقد التوازن الأمني والاقتصادي.

في هذا الفراغ، لم يكن غريبًا أن يحاول تنظيم المؤتمر الوطني — الذي لم يُجتث جذريًا — إعادة ترتيب صفوفه في الخفاء، مدفوعًا بشبكات مالية وأمنية ما زالت قائمة. وهناك من يرى أن حالة الانقسام بين المدنيين، إضافة إلى الحرب الحالية، وفّرت أرضية خصبة لعودة الإسلاميين، ليس فقط كأفراد، بل كمشروع سياسي كامل.

أدوات العودة: من التمكين إلى “التطبيع السياسي”

إن عودة الحركة الإسلامية لا تحدث بالضرورة بشكل مباشر أو معلن، بل تأخذ أشكالًا متعددة:

أولًا: عبر تحالفات أمنية وعسكرية مع قوى على الأرض، خاصة في ظل الانفلات الأمني.

ثانيًا: من خلال إعادة إنتاج خطاب جديد يتحدث عن “الهوية الإسلامية” و”الخطر العلماني” لتأجيج عواطف الشارع.

ثالثًا: عبر واجهات جديدة — جمعيات دعوية، منظمات مجتمع مدني، أحزاب بأسماء مختلفة — لكنها تتبع نفس المرجعية القديمة.

رابعًا: عبر تغلغل غير معلن في مراكز اتخاذ القرار، خاصة في الولايات والأجهزة المحلية.

الداخل السوداني.. يقظ لكنه منهك

الشعب السوداني، خاصة الشباب، لا يزال على درجة عالية من الوعي. لكن الإنهاك الذي سببته الحرب، والنزوح، والانهيار الاقتصادي، جعل كثيرين يفقدون الحماس أو يصمتون تحت وطأة الخوف والجوع.

المؤتمر الوطني يدرك هذا، ويراهن على لحظة الإنهاك الجماعي، ليعود كـ”منقذ” أو “بديل”، مستغلًا فشل التجارب المدنية، وانقسام الأحزاب، وغياب قيادة ثورية موحدة.

المواقف الدولية.. براغماتية أم مساومة؟

بعض القوى الدولية، خاصة تلك التي تخشى من الفوضى الإقليمية، قد ترى في الإسلاميين قوة “منضبطة ومنظمة”، ويمكن التعامل معها لضبط المشهد. وهذا ما حدث سابقًا في تجارب عدة بالمنطقة، حيث تم القبول بالإسلاميين كقوة أمر واقع، إذا ما ارتدوا لباس “الاعتدال”.

وهنا تكمن خطورة المرحلة: هل يتم السماح بعودة الإسلاميين ضمن “حل سياسي”، تحت شعار الشمول والتوافق؟ أم يُعاد فتح ملفات الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها النظام السابق في دارفور وجبال النوبة وجنوب السودان؟

بين الوعي الشعبي والمشاريع الغامضة

رغم كل التحديات، فإن تجربة الشعب السوداني مع حكم الحركة الإسلامية كانت مريرة وعميقة. ولن يُلدغ من الجحر مرتين بسهولة. لكن هذا لا يكفي. لا بد من:

إعادة بناء مشروع وطني جامع، يطرح بدائل عملية لا شعارات فقط.

مواجهة أي محاولة لاختطاف الدولة أو الثورة باسم الدين أو الأمن.

المطالبة بعدالة انتقالية حقيقية، لا مساومات ناعمة.

الخاتمة:

الحركة الإسلامية قد تعود، لكنها لن تعود كما كانت.

والمؤتمر الوطني قد يُبعث، لكن بثوب جديد.

والسؤال الأهم ليس: “هل سيعودون؟”

بل: “هل نحن مستعدون لمنع عودتهم؟”

فالثورة ليست لحظة غضب، بل مسار طويل من الوعي، الصبر، والتنظيم.

‫شاهد أيضًا‬

حديث الساعة بقلم: إلهام سالم منصور الدرعة والبرؤون يهزمون السرطان

بقوة الدرعة، وبصلابة البرؤون، وبإيمان راسخ لا يتزعزع، انتصرت — بفضل الله — في واحدة من أعظ…