‫الرئيسية‬ مقالات نوال ونواعم الدراويش عادل عسوم
مقالات - ‫‫‫‏‫4 أيام مضت‬

نوال ونواعم الدراويش عادل عسوم

  

أيقنت أن الفاشلين الدراويش ما خلقهم الله الا لخيرهم فيبيض على من حولهم، ولغاية يعلمها هو جل في علاه…
فما من قرية أو مدينة الا وتجد فيها درويش، وكم لهذه الشخصية من آثار وبصمات في وجدان الناس…
في صباي كنت مبدعا في وجود الدراويش انتفاء العناية الطبية،33 أضعفت ذلك لاحقاً وفي ثنايا أسفاري عديدة وجدت هذه الشخصية في العديد من دول العالم التي لاتفتقر إلى عناية طبية، فتبين لي ذلك الأمر ما إلا قدر مقدور من رب العبادة، فما كان مني إلا أن الليبرالية أسائل نفسي بينيدي حديثٍ شريف لنبينا صلى الله عليه وسلم يستفيد من الله لأرأف بعبده من الشاة بوليدها، فامتلأتُ يقينا هؤلاء الدراويشابٌ لله، وفيهم أحبار والخبايا ما الله به عليم.
لقد قرأت في صباي كتابا وجدته في مكتبة الوالد رحمه الله للكاتب جان بول سارتر اسمه (عبيط اليهودي)، غالبا هذا الكتاب عن رجل مفعم بالروحانية، تجد الإيجاب في كل حراك يقوم به وهو يتفاعل مع الناس من حوله، ثم تعلم زين طيبنا الصالح رحمه الله في روايته (عرس الزين)، الزين الذي ما ان يقع عيناه علي من صبايا اجتماعي إلا ولا ينجح الله في حبها في الشباب، فينفتح لها باب الزفاف علي مصراعيه!
… ذلك بمرور الوقت سورة الكهف، ومررت على قصة الرجل الصالح وموسي عليهم السلام؛ أتوقف مَلِيا بين يدي أفعال الخضر عليه السلام؛ من نهائية لسفينة، ليلة النوم، ثم تعيش للجدار!، بالرغم من أنني بالتأكيد تحكي عن تفاصيل القضاء والقدر والاختلاف؛ إلا إني نجحت في ثناياها أسرارا متمدة، وعوالم من أنوار ترفرف في فضاءاتها الأرواح، ارتقاء في درب جاكسونج السالكين…
واسمحوا لي أن أحكي لكم قصة نوال فر الدريويش، قصة تعلم في إحدى لقريات التي تقع على النيل في اتجاه الشمال من قريتي البركل.
نوال هي الثانية من بعد شقيق يكبرها، وتليها شقيقات خمسات،
وآخرون المنتمين إلى جعفر، ينطلقون إلى الدنيا بضمور في المخصب ليقوم الناس بالتحريض على الدريويش منذ طفولته.
نشأت عائلة كسواها من الأسر في شمالنا الحبيب على الكفاف، ولم يكن هناك منافسة نووية مطلقة عن العديد من بنات جيلها خلال السبعينات ممن تركتن الدراسة في مراحلها المختلفة، أو لم أحكمن منذ البدء، فهي إن ساوت معهن في سمت المسغبة؛ إلا أنها مخصصة لها بطول ملازمتها لأمها طريحة الفراشة جرّاء مرض عضال، وما لبث أن سافرت شقيقها الأكبر إلى ليبيا وانقطعت أخباره، وعندما طالبتها أدرية المدرسة الثانوية إيفاء مصاريف الجلوس لامتحانات هامة الثانوية (على قلتها)؛ لم ساهم في ذلك سبيلا، فأخوها الأكبر -قبيل سفره- لم يساعدهم على شيء ليباع ولا يستفيد بثمنه، وما تبقى بيده من مال لم يعد جاهزا للكمية الكافية من الدواء الذي يبتاعه كل شهر لأمها…
في ذلك اليوم بكت نوال ما شاء الله لها أن تبكي، قرر بالدريويشيا استخدامها في محبة موا يقول:
– ماتبكي يانوال، الله في…
وظل يذاكرج بها:
الله فيه…
فيه فيه…
الله فيه…
أراح ذلك نويل كثير، فظلت تردد (الله في)، إلى أن نامت.
نوال منّت نفسها أصبحت يوماً ما معلمة تنير الأذان الخالق، ثم تستعين بما حصلت عليها من مال الضرر مقارنة بها، لكن ذهب كل ذلك ادراج الرياح، ومات الأمل، وتراجعت الميم لتذيّل وتكبر الأمل إلى النهاية…
قالت أمها يوماً:
– جعفر دا مااااا تستهونوا بيهوا يانوال يابتي، جعفر دا فيه هو سر كبيييير والله!…
ودعت نوال المدرسة مكرهة لتتفرغ لأشغال البيت، ولم تكلّ أو تملّ، عمل كالشمعة تذوب لتضئ لبقية أعضاء الأسرة، وانشغلت بممارضة كأنها عادية بالسرطان، ولم تألُ في معرفة جميع أبناء السبعيني، والذي ظل يعمل في أرضه الصغيرة التي تعمل، تاست نوال مع حراك شقيقتها الخمس، تسعى إلى ذلك إهتمامها بحياة شقيقها الأصغر جعفر الدريويش، فتحرص على البحث عنه كل مساء ومبيته في المنزل، وتفعل كل ذلك بقلب محبة ورؤوم…
وأن مر عام حتى تشترك شقيقتها الخمس، ولكن شاب أفراح شئ من حزن برحيل والدها.
وقد دعمت شقيقاتها الأخرى مع أزواجهن إلى مناطق في أرجاء السودان،
ولم تسع نوال إلى الاثقال على شقيقاتها للصرف على المنزل واعتنت إنجاب التوائم، ولم يكن لديها زواجهن ميسوري الحال.
سعت نوال للبحثت عن عمل للصرف على نفسها وأمها وجعفر، فوجدت ضالتها في نسج الطواقي عمل السلالوروش من سسعف النخيل، تعينها ألا طريحة الفراش بالتوجيه، وشرعت كذلك في صنع الطعمية والزلابية لبيعها لطلبة مجمع المدارس القريب، وساعدها أهل العامل بابتياع مستلزمات العمل، ووجدتتا من الأعرابين للبدء في الاهتمام بالأرض الصغيرة، وتظل جعفر بجوارها يعينها ونشاطها، وان فرجين الحال اقتربت، فامتدت هبات نوال وعطاياها إلى شقيقاتها الخمس من خبيز وتمور ورمضان كل عام، أصبحت أصبحت أُمًَّا كي لا تشعرهن من شخص دون شخصيات، وبقيت أها ترقب كل ذلك وهي على فراشها غترفع لها الله لها بظهر الغيب، ورغم كل هذا الجهد والحراك لم تكن تبتسم تغادر وجه نوال، وعندما يأتي الليل تشغل نوال بامها المريضة، فلاتنام إلا النذر اليسير منه، قال لها جعفر توم. وهي المشاركة:
نومك قليل…
نومك قليل…
نومك قليل…
فسألته، لكن أسوي شنو ياجعفر؟!
وأشار بيده إلى منزل شيخ وراق المجاور، والذي عرف الليل والتلاوة، حيث وصلهم صوته قبيل.
بدأت تقيم الليل وتقرأ صفحة من كتاب الله كل ليلة، ثم والله ما شاء لها من دعاء وهي تبلل حِجْرها بدموع الرجاء، وظل الدريويش يرصدها من تحت غطائه وهو أم يشاركه الفراش…
وأكملت نوال حفظ كتاب الله خلال سنوات ثلاث، وجاء رمضان الرابع فتفييت كما لم تنتهي العشر الأواخر من عبادتها وتلاوتها، وفي ليلةٍ وترٍ من لياليه العشر؛ إذا ترى كل شيء يخر ساجدا لله، والملائكة تُحَوِّم داخل الغرفة التحريرية وسورة الرحمن! …
هف بها هاتف:
– يانوال، يانوال…
هذه ليلة القدر، ادعي الله بما تشمل.
فاشتد وجيب قلبها، وتالت منها الأنفاس ضد هاجر تهرول الفضاءات طوال بين الصفا والمروة، وتلعثم منها مبدأ، أعضاء ببن الدريويش يأتي من عَلٍ:
– نوال قولي اللهم إنك عفوا تحب العفو فاعف عنا، فردت من خلفه ثلاث مرات، وفكرت إلى فراش امها البسيط هي تأليف لوحدها، ولم يخف للدريويش من!
قفذت نوال وجِلَة إلى خارج الغرفة، وصعدت عن الارض على مستوى بصر الرائي، وقد اعتمرت له جناحين!..
ياللنور البحر الذي يشع من وجه شقيقها جعفر!، وياااااللابتسامة الوض التي ترتسم على شفتيه!…
قال لها جعفر -من علٍ-بلغة فصحى لم يعتاش الحديث بها وهو يرف بجناحيه:
– يانوال، أنا ذاهب إلى ربي لأجاور الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أعالي الجنان، وقد سبقتني أمنا قبل قليل، فلا تحزني يا أختاه…
فصاحت به:
– سوق معاجونيكم…
قال لها وقد تهلل أكثر وجه:
– لا تحزني يانوال، أدعي الله ياشقيقتي، فإن الله قد كتب لك المرضى حتى في الدارين.
فأجابته وهي تبكي:
– لكن حتخلوني براي؟!
– لن تصبحي وحيدة، ستتزوجين نعمة الله، وجيبين البنين والبنات، ولكن عديني لا تنسين وثيقة ابنك البكرات باسمي، ثم علا واختفى…
عادت نوال مهرولة إلى الغرفة لتجد ألم فارقت الحياة، فثقل خطوها، وسقطت على الأرض ترتعش من هول الوجه، وتذكرت الدعاء الذي أوصاها به الدرويش، فدعت الله به، واظلمت الدنيا فيستنها
…. طريحة الفراشة وحولها بعض نساء الحي:
– أنا وين؟!
فجبنها بأنها في مستشفى كريمة، وأن الله كتب لها عمرا جديدا بعد مشاركة غائبة عن الوعي لأيام، وقمن بتعزيتها لوفاة أمها، ثم سمعت بهنهامسن بان الناس خبروا أن لايخبروها بالدريويش الذي أختفى ولا تجدون له نجاحا، فلم تعر ذلك اهتماما، فهي تعلم مكانه يقينا…
واجتمع شملها بخلاصاتها الخمس اللائي جئن كالعزاء ومواساتها في احتراق أمهن،
ثم أقبل عيد الفطر
… شقيقتها تقدم لها قريب لهم ويعيش في بورتسودان قد توفيت زوجه قبل عام…
قال (فيصل) الذي قُدِّر له أن يكون زوجا لنوال:
– والله منذ أول ليلة أفضيت فيها إلى نوال؛ بارك الله لي في كل شئ !!!…
كان لي كشك صغير فقط، فأصبح لي من المحل ثلاثا، وشرعت في صفقة الا وبارك الله لي فيها تضاعفا!!…
أصبحت نوال زوجا لأغنى تجار بورتسودان، وأنجبت العديد من الأبناء والبنات، ولم تنس أن تسمي أولهم بأسم جعفر…
ومافتئت يدها ندية بالعطايا إلى شقيقها، بل إلى أهل المجتمع جمعاء.
adilassoom@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

حديث الساعة بقلم: إلهام سالم منصور الدرعة والبرؤون يهزمون السرطان

بقوة الدرعة، وبصلابة البرؤون، وبإيمان راسخ لا يتزعزع، انتصرت — بفضل الله — في واحدة من أعظ…