أرقاويات كتب ميرغني أرقاوي          الفساد الأكبر

{ *وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ* }

⚖️ الفساد دركات، تتفاوت بحسب فداحة خطره، ومساحة أثره، وبمعرفة هذه المراتب وضبطها يمكن تحديد أولويات الخطاب وترتيبات التعامل وتدابير العلاج. وبغياب هذا الفقه تختلط المفاهيم وترتبك الخطط، ولا تتحقق الغايات.

🕌 فلئن قيل مثلاً إنّ في بلد ما فسادًا كبيرًا، لقفز إلى الأذهان فورًا أنه يعج بالسفور والخمور والزنا وما إليه من فجور.

ولئن علا خطيبٌ منبرًا متحدثًا عن الفساد فقلّما يتجاوز هذا الفهم المجزوء. فهو يعكف حوله مرغياً مزبداً، إرغاء وإزبادا قد يأتي بضد المراد.

ولعلك تعجب أن تكتشف أنّ هذه الفواحش -على بشاعتها- لا تدخل في مسمّى الفساد في القرآن إلا من باب عموم اللفظ، ولا تحظى فيه بتخصيص يميزها.

📌 ويزداد عجبك عندما لا تجد الخمر والزنا في حديث السبع الكبائر الموبقات، مع اشتماله على ما يُظنُّ أنه أهون منه، أعني قذف المحصنات، فقدر الله فوق تقدير العباد وهو القائل:

{ *وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ* }

وذلك أن في القذف وإطلاق الألسنة به إشاعةً للفاحشة وهتكًا للستور، وهذه هي الممهدة لفُشُوِّ الزنا، ويتناقص الزنا بالكف عن لَوْكِ سيرته، *( انظر إلى الوسائط كيف تفعل!!!)* فكان حقيقًا بالقذف أن يدخل في الكبائر السبع. وأن يحظى في الكتاب والسنة بكل ذلك التعنيف والترهيب.

🌍 *فالفساد في كتاب الله مقترن بالقضايا الكبرى التي تهدد وجود الأمة (الدولة) وأمنها، والتي تنتهك سيادتها وتوهن سياجها الحافظ، وتفسد بيئتها الطبيعية والاجتماعية. وتلك هي علة انحطاط الأمم، وسبيلها المودي بها إلى شيوع الفواحش وتفشي الرذائل.*

*📖 وفي الواقع العملي دروس لا تتوفر في الشروح النظرية. فالآن مثلاً، وقد وَهَى سلطان الدولة، وتخلخلت عُرى الأمة، نستطيع أن نتبيّن الفروق بين قضايا الفساد الشاملة وبين الفواحش على مستوى الأفراد. فاليوم نرى اشتغال الناس عامتهم وخاصتهم بالشأن العام أكثر من انشغالهم بما هو دونه. ولو أنهم التزموا ذات المنهج من قبل لدرأوا عن أنفسهم بعض ما وقع.*

ولعلك تعلم أن تساهلاً في مسألة القذف من مسؤولين كبار كان من مؤججات الفتنة في البلاد، فسبحان الحكيم العليم

🔑 الإصلاح مطلوب من كل وجه وعلى كل المستويات، ولكن تقدير النِّسب وضبط المقادير واجب.

وتوضيحًا للمراد إليك غيضٌ من فيضِ السياقات القرآنية، التي تتناول قضايا الفساد للتعرف على مستوياتها:

🔴 أولها:

{ *أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ* }

*⚔️خصّت الملائكة سفك الدماء بالذِّكر دون غيره من صور الفساد، لأنه أفدح ما يهدد استخلاف البشر في الأرض. وليس القتل الفردي هو المعني، بل سفك الدماء هو المُعَبَّر به وذلك يوحي بالمبالغة في القتل والعنف الممنهج – وقال عن فرعون يُقَتِّلون ويُذَبِّحون بصيغة المبالغة، وليس هو مجرد الذبح والقتل ، وتدبر صيغة الحديث الصحيح ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)* ذلك هو الفساد الذي يُذْهِب ريحَ الأمة، ويقوض دولتها، والواقع شاهد.

💀 وتؤكد آيات أخرى المعنى ذاته مثل قوله تعالى:

{ *وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ* }

وهذا تصوير لشره المستكبرين الذي يحملهم على إهلاك النبات – لاحظ إهلاك – وإجتثاث الحياة. وإذا علمت أن من معاني (تولّى) ولايةُ الأمر وامتلاك القرار، لظننت أن الآية نزلت فينا اليوم.

🖋️ *ونتتبع في “أرقاوية” لاحقة – إن شاء الله – الفساد السياسي الفرعوني، والمالي القاروني، وما شاكلها من صور الفساد الكبرى، وصولًا إلى مستهل المقال* :

{ *إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ* }

وهو شأن سياسي شامل بامتياز

〰️〰️〰️〰️

❤️👇🏽👇🏽👇🏽❤️

*أرقاويات* دعوة لتنزيل

القرآن على الواقع

♾️♾️♾️♾️

*💥إستدرك وعمم تؤجر💥*