‫الرئيسية‬ مقالات أجيال النيل دكتورة سهام موسى – مصر الفتيات السودانيات: قوة في مواجهة القسوة
مقالات - أكتوبر 10, 2025

أجيال النيل دكتورة سهام موسى – مصر الفتيات السودانيات: قوة في مواجهة القسوة

أجيال النيل  دكتورة سهام موسى – مصر     الفتيات السودانيات: قوة في مواجهة القسوة

نحتفل في الحادي عشر من أكتوبر من كل عام بـاليوم العالمي للفتيات، وهو احتفال لم يعد مجرد طقس سنوي، بل هو صرخة مدوية للتذكير بأن نصف المجتمع العالمي ما زال يواجه تحديات جمة. هذا اليوم، الذي بدأ بمبادرة من منظمة “بلان إنترناشيونال” تحت شعار “لأنني فتاة” وتوج بموافقة الأمم المتحدة في عام 2012، يسلط الضوء على عدم المساواة الممنهجة التي تواجهها الفتيات، ويدعو إلى توفير الفرص المتكافئة لهن في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والحصول على الوظائف، ومجابهة مشكلات مثل زواج القاصرات.

 

لقد أثبتت المرأة، والفتاة من قبل، قدرتها على المنافسة وتحقيق الإنجازات العلمية والمهنية التي كانت حكراً على الرجال، ونالت جوائز عالمية عن جدارة. ومع ذلك، تبقى فجوة عدم المساواة قائمة في العديد من الدول، وتتفاقم حدتها كلما اشتدت الظروف والأزمات.

بينما يحتفل العالم بقصص نجاح الفتيات ومستقبلهن المشرق، نجد أنفسنا أمام واقع مرير لآلاف الفتيات في بؤر النزاع حول العالم، وعلى رأسهن الآن الفتيات السودانيات اللاتي طالتهم نيران الحرب المشتعلة.

لقد تحول يومهن العالمي، ومستقبلهن، إلى حلم مؤجل وسط قسوة النزوح واللجوء. هؤلاء الفتيات، اللاتي كن يحملن أحلاماً بسيطة بالعلم والعمل، وجدن أنفسهن فجأة مقتلعَات من ديارهن، وفاقدات لحقهن الأساسي في الأمان والاستقرار. لقد أدت ظروف الحرب في السودان إلى تعرضهن للعنف بكل أشكاله، وإلى فقدان فرص التعليم، وهي المشكلة التي تهدف المبادرات العالمية لليوم العالمي للفتاة تحديداً إلى معالجتها.

إن النزوح، وخاصة إلى دول الجوار مثل مصر التي استقبلت الآلاف منهم، يضع عبئاً مضاعفاً على أكتافهم الهزيلة. ففي الشقق الضيقة والعمارات المكتظة بالسكان، يصبح الوصول إلى أبسط حقوقهن (مثل التعليم، والرعاية الصحية النفسية والجسدية) رفاهية يصعب نيلها. كما تتزايد المخاطر التي تهدد حياتهن ومستقبلهن، مثل احتمالية الانخراط المبكر في العمل أو الزواج القسري كحلول يائسة لمعيشة أسرهم.

إن قصص هؤلاء الفتيات، سواء من نجحت منهن في الوصول إلى بر الأمان أو من ظلت حبيسة صراع لم تختره، يجب أن تكون في صميم أجندة اليوم العالمي للفتيات لهذا العام وكل عام. إنها ليست مجرد قضايا إنسانية عابرة، بل هي قضايا حقوقية جوهرية تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية.

يجب أن تتخذ الدولة السودانية والمنظمات الإنسانية خطوات ملموسة لضمان استمرارية التعليم بتوفير برامج تعليمية سريعة ومكثفة ومناسبة لهن في مناطق تواجدها، بجانب الحماية من العنف والاستغلال بوضع آليات صارمة لحماية الفتيات من كل أشكال الاستغلال والعنف في بيئات النزوح واللجوء، وتقديم الدعم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لمساعدتهم على تجاوز الصدمات النفسية للحرب والنزوح.

في النهاية، يظل اليوم العالمي للفتاة تذكيراً بأن مستقبل أي أمة يكمن في تمكين فتياتها. ومن حق الفتيات السودانيات، شأنهن شأن أي فتاة أخرى في العالم، أن يمتلكن الأدوات اللازمة لبناء حياتهن. إنهن لسن مجرد ضحايا حرب، بل هن صانعات أمل وبناة مستقبل ينتظرن منا فقط أن نوفر لهن البيئة الآمنة التي تسمح لأحلامهم أن تنمو وتزدهر.

‫شاهد أيضًا‬

حديث الكرامة كالوقي ..بشاعة المجازر تهز صمت المنابر الطيب قسم السيد

يبدو أن السودان قد احكم خطته لتعزيز مساره الدبلوماسي، بنهج فاعل ومؤثر،عبر المنابر الدولية …