‫الرئيسية‬ مقالات شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر “أسبوع القاهرة للمياه 2025: منصة عالمية للابتكار والمشاركة الإقليمية ضرورة حتمية للسودان”
مقالات - ‫‫‫‏‫أسبوعين مضت‬

شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر “أسبوع القاهرة للمياه 2025: منصة عالمية للابتكار والمشاركة الإقليمية ضرورة حتمية للسودان”

شئ للوطن  م.صلاح غريبة – مصر  “أسبوع القاهرة للمياه 2025: منصة عالمية للابتكار والمشاركة الإقليمية ضرورة حتمية للسودان”

 

Ghariba2013@gmail.com

 

تنطلق الدورة الثامنة لأسبوع القاهرة للمياه (12-16 أكتوبر 2025) تحت شعار “حلول مبتكرة من أجل القدرة على التكيف مع تغير المناخ واستدامة المياه”، لتُرسخ مكانة العاصمة المصرية كمركز دولي محوري لصناعة القرار المائي، ليس فقط على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا بل عالمياً. يتجاوز هذا الأسبوع كونه مجرد منتدى سنوي، ليتحول إلى “لحظة محورية” تستدعي استراتيجيات جريئة لمواجهة التحديات الوجودية لندرة المياه وتغير المناخ.

يُبرهن الحجم غير المسبوق للمشاركة الدولية، الذي تجاوز 95 منظمة دولية وإقليمية، على الثقة العالمية في ريادة مصر لملف الأمن المائي. هذا التجمع الضخم، الذي يضم هيئات أممية، ومجالس عالمية، واتحادات أوروبية متخصصة في التمويل المائي، يؤكد أن القاهرة أضحت نقطة التقاء رئيسية لمواءمة الجهود الدولية.

لقد نجح الأسبوع في دمج جميع مستويات الحوار: من الاجتماعات رفيعة المستوى كالاجتماع الوزاري المشترك للجامعة العربية واللجنة الفنية للمياه والزراعة، إلى المنتديات الاقتصادية المتخصصة كـ “المؤتمر السنوي السادس للاتحاد الأوروبي حول تمويل واستثمار المياه”، وصولاً إلى الاحتفالات العلمية الكبرى مثل اليوبيل الذهبي للبرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو (IHP). هذا التنوع يضمن صياغة حلول شاملة تجمع بين البُعد السياسي، والتقني، والاقتصادي، والبحثي.

يولي “أسبوع القاهرة للمياه” أهمية قصوى لدمج الابتكار التكنولوجي مع استراتيجيات الإدارة العملية. يتجلى هذا التركيز في الأجندة العلمية الغنية، حيث تم قبول 49 ورقة بحثية لعرضها ومناقشتها في خمس جلسات علمية رئيسية، مما يُثري الحوار حول حلول التكيف مع المناخ.

الأهم من ذلك، هو الدور الذي يلعبه الأسبوع في تحفيز العقول الشابة. فالمسابقات المتنوعة، مثل “أطروحة الثلاث دقائق” ومسابقات “أفضل مشروعات التخرج” ومبتكري مدارس “STEM”، لا تهدف فقط إلى صقل المواهب، بل إلى خلق “جيل واعٍ ومبتكر قادر على قيادة مستقبل الأمن المائي”. هذا الاستثمار في الوعي المائي والتكنولوجي، من خلال مبادرات مثل “على القد” ومسابقات المزارعين لترشيد الاستهلاك، يضمن استدامة الحلول على المستوى المجتمعي والزراعي.

تُقدم مشاركة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بحلولها المتطورة التي تعالج الترابط بين المياه والزراعة والتكيف مع المناخ، مثالاً حياً على أهمية التعاون الدولي القائم على الأدلة. فالمحاور التي تركز عليها المنظمة، مثل الحوكمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتطبيقات منصة “WaPOR” لتحويل البيانات إلى إجراءات لزيادة الإنتاجية، وحلول إعادة الاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحي، كلها قضايا لا تخص مصر وحدها، بل هي محاور حاسمة للمنطقة بأسرها.

في هذا السياق، تصبح مشاركة السودان في فعاليات “أسبوع القاهرة للمياه” ضرورة حتمية وليست مجرد خيار وذلك من اجل اكتساب الخبرات والحلول الفورية، حيث يواجه السودان تحديات مناخية ومائية هائلة، لاسيما في ظل زيادة الجفاف وتقلبات الأنهار. يمكن للوفد السوداني الاستفادة بشكل مباشر من العروض التكنولوجية في المعرض المصاحب، ومن الأوراق البحثية والورش الفنية حول “إدارة المياه المعتمدة على البيانات” و “الاستعداد للجفاف”، مما يوفر حلولاً قابلة للتطبيق الفوري.

الاستفادة من المخرجات الإقليمية والدولية، فحضور الاجتماعات الوزارية والفنية رفيعة المستوى في إطار جامعة الدول العربية، إلى جانب الشراكة مع منظمات مثل الفاو، يفتح الأبواب أمام السودان للوصول إلى تمويل المشاريع، والشراكات المائية الدولية، والمبادرات الإقليمية (مثل المبادرة الإقليمية لندرة المياه التي تقودها الفاو)، والتي تهدف إلى تعزيز الحوكمة والقدرة على الصمود في المنطقة.

تبادل الخبرات وتوثيق دوره، فيمتلك السودان خبرات فريدة في إدارة الموارد المائية للقطاع الزراعي على ضفاف النيل. مشاركة المزارعين والباحثين السودانيين يمكن أن تثري الأجندة العلمية وتتيح لهم فرصة لعرض تجاربهم الناجحة أمام جمهور عالمي، مما يعزز دور السودان كشريك أساسي في الأمن المائي الإقليمي.

إن جاهزية مصر لاستقبال هذا التجمع الدولي الهائل، كما أكد وزير الري، تضمن بيئة مثالية لتبادل المعرفة وتحقيق أقصى استفادة ممكنة. إن التحديات المائية تتخطى الحدود، وتتطلب حواراً وتنسيقاً عابراً للحدود. لذا، فإن وجود السودان ومشاركته الفاعلة في هذا الحدث سيعزز ليس فقط أمنه المائي، بل سيسهم في صياغة استراتيجية مائية إقليمية أكثر مرونة واستدامة.

يؤكد أسبوع القاهرة للمياه 2025 مجدداً أن الأمن المائي هو ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي، وأن الطريق إلى التنمية المستدامة يمر عبر الابتكار والشراكة، ويجب على كل دولة في المنطقة، والسودان في المقدمة، أن تكون جزءاً من هذه المسيرة التحويلية.

‫شاهد أيضًا‬

قالو ولم نقل كمال حسن سعد خبير استرتيجي وكاتب صحفي  المفاوضات وفن الممكن

خرجت علينا معظم الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي عن ذهاب وفد الجيش السوداني والدعم السر…