خطاب التضليل ومحاولة شرعنة الإرهاب: قراءة قانونية ودبلوماسية في خطاب قائد مليشيا آل دقلو الإرهابية بقلم:د. النذير إبراهيم محمد أبوسيل المستشار القانوني الدولي لتسوية المنازعات الدولية

📅 التاريخ: 22 أكتوبر 2025
تمهيد:
في الوقت الذي يعيش فيه الشعب السوداني واحدة من أكثر المراحل قسوة في تاريخه الحديث، بثّت قناة الجزيرة مباشر خطاباً لما يُسمى محمد حمدان دقلو، قائد المليشيا المسلحة المعروفة سابقاً بـ”الدعم السريع”، والتي ارتكبت أفظع الجرائم بحق المدنيين في دارفور والخرطوم ومدن السودان كافة.
جاء الخطاب في لحظة سياسية حرجة، محمّلاً بخطابٍ دعائيٍ موجّهٍ يسعى إلى قلب الحقائق وتقديم الجلاد في ثوب المنقذ.
ولكن، ومن منظور قانوني ودبلوماسي، فإن هذا الظهور الإعلامي يمثل محاولة منظمة لتضليل الرأي العام الدولي وشرعنة كيان عسكري متمرّد يخضع للمساءلة القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام.
أولاً: عن مفهوم الشرعية والسيادة الوطنية
الشرعية في أي دولة هي امتداد لسيادتها، والسيادة لا تُجزّأ ولا تُمنح لمن يحمل السلاح ضد الدولة.
إنّ ما يسمى بـ”قائد الدعم السريع” لا يمثل أي كيان قانوني أو دستوري داخل بنية الدولة السودانية، بل هو زعيم لمليشيا مسلحة خارجة عن القانون، تتلقى الدعم من قوى خارجية وتعمل على تفكيك مؤسسات الدولة الوطنية.
وبموجب المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، يُعد أي عمل مسلح ضد سلطة الدولة الشرعية انتهاكاً واضحاً لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو أحد الأعمدة الأساسية للنظام الدولي المعاصر.
ثانياً: الوصف القانوني لمليشيا آل دقلو
وفقاً لقرارات مجلس الأمن رقم (1373) لعام 2001 و**(2178) لعام 2014**، فإن أي جماعة تمارس أعمال القتل الممنهج، وتستهدف المدنيين، وتموّل عملياتها من مصادر غير مشروعة، تُعد جماعة إرهابية عابرة للحدود.
وقد ثبت بالأدلة الموثقة لدى منظمات حقوق الإنسان الدولية أن مليشيا آل دقلو مارست أعمالاً ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري، وتدمير الممتلكات المدنية، وكلها أفعال تضع قادتها تحت طائلة الاختصاص الدولي للمحاكم الجنائية.
إنّ هذه المليشيا فقدت أي غطاء قانوني أو سياسي، وأضحت جزءاً من شبكة إقليمية للإرهاب والتمويل غير المشروع، ما يجعلها خاضعة للعقوبات الدولية بموجب قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ثالثاً: البعد الإعلامي والدبلوماسي للخطاب
من المؤسف أن بعض المنابر الإعلامية الدولية قد وقعت – عن قصد أو عن جهل – في فخ منح الشرعية الإعلامية لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.
إن بثّ مثل هذا الخطاب دون تدقيق أو توازن يُعد تواطؤاً مهنياً وأخلاقياً، ويتعارض مع مبادئ الحياد والنزاهة الإعلامية التي نص عليها ميثاق الشرف الصحفي العالمي (IFJ Global Charter).
ويجب التذكير بأن حرية الإعلام لا تبرر ترويج الإرهاب أو المساهمة في تبييض الجرائم ضد الإنسانية.
فالمسؤولية الإعلامية هي جزء لا يتجزأ من منظومة العدالة الدولية، وليست ساحة لتغذية النزاعات أو تشويه وعي الشعوب.
رابعاً: مسؤولية المجتمع الدولي والمؤسسات العدلية
إنّ المجتمع الدولي اليوم أمام اختبار حقيقي لقدرته على مواجهة الإرهاب غير التقليدي.
فما يحدث في السودان ليس صراعاً سياسياً عادياً، بل انتهاك شامل لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة وتدمير ممنهج لمقوماتها الإنسانية والاقتصادية.
وعليه، فإن المطلوب من الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والمحكمة الجنائية الدولية هو:
• الإسراع في فرض عقوبات فردية على قادة المليشيا الإرهابية.
• دعم المسارات العدلية الدولية والوطنية لمحاسبة الجناة.
• مساندة الجهود الوطنية في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الانتقالية.
خامساً: نحو خطاب وطني جامع
رغم الدمار الذي خلفته الحرب، يظل الشعب السوداني عصيّاً على الانكسار.
لقد أثبت للعالم أنه شعب صاحب وعي حضاري وسياسي رفيع، وأن إرادته لا تُقهر أمام المليشيات ولا أمام التدخلات الأجنبية.
إنّ السودان سيظل دولة القانون والسيادة والكرامة، ولن يُسمح بتحويله إلى مسرحٍ للصراعات بالوكالة.
الخاتمة:
إنّ خطاب التضليل الذي بثّته مليشيا آل دقلو عبر قناة الجزيرة لا يغيّر من الواقع شيئاً، بل يكشف حالة الارتباك واليأس التي يعيشها قادتها.
فالقانون الدولي واضح، والعدالة آتية، والشعب السوداني ماضٍ في طريق النصر والحرية.
السودان ملكٌ لشعبه وحده، لا لمجرمي الحرب ولا لوكلاء الأجندات الخارجية.
وسيبقى، بإذن الله، منارة للسيادة والحق والعدالة.
بالواضح فتح الرحمن النحاس البرهان في كل مكان..قائد كامل الدسم وليس صناعة…ورسائل في بريد المليشيا وأذنابها..ومواقف مشرفة لاتقبل الهزيمة..!!
كلما تحررت منطقة وكلما تحرك متحرك وكلما (استهدفت) المليشيا موقعاً، يجد الشعب القائد البرها…