أصل_القضية من سلسلة الجسر والمورد آمال جديدة للسودان: بين وعيٍ يُفكّر وقرارٍ يُعيد تشكيل المنطقة والإقليم محمد أحمد أبوبكر- باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية

في لحظةٍ تتشظى فيها الحقيقة تحت ضغط السرديات المتحاربة، يُعيدنا فكر برتراند راسل إلى مبدأٍ بسيط: الأمل المنظم — أملٌ مبرَّر بالعقل لا بالتواكل العاطفي.
وبطريقةٍ موازية، يُذكّرنا كريستوف كوتش في البحث عن الوعي أن الوعي ليس ومضةً ذهنية، بل عمليةٌ متصلة تُشكّلها التجارب والروابط والمؤسسات.
وعندما نضع هذين البُعدين أمام مشهد السودان ما بعد أبريل ٢٠٢٣م، ندرك أننا نعيش «لحظة معركة» لا حربًا فقط — معركة على الوعي، على إدراك الذات، وعلى معنى الوطن ذاته.
فالحرب الكبرى الآن ليست تلك التي تسمع فيها صليل السلاح، بل التي تُخاض داخل العقول وبين القلوب، حيث يتنازع الناس بين الرجاء والخذلان.
الوعي حين يُصبح مسؤولية وطنية
الرسالة بسيطة:
إذا لم نحسن إدارة وعي المجتمع، فلن نحسن إدارة الوطن.
وحين يختلط الإدراك بالخوف، تُصبح أي خطوةٍ نحو المستقبل عرجاء، وأي مصالحةٍ هشة.
وهذا هو جوهر معركة الوعي التي تحدّث عنها كوتش — أن ندرك كيف نرى أنفسنا، وكيف نفهم بعضنا، قبل أن ننتظر من الآخرين أن يفهمونا.
إشاراتٌ دولية ليست عابرة
زيارة وفد رابطة العالم الإسلامي، وتوقيع اتفاقيات إنسانية وثقافية مع الخرطوم، ثم التوجيهات السعودية بتوقيع اتفاقيات اقتصادية — كلّها ليست تفاصيل دبلوماسية عادية.
إنها إشارات بأن الوقت الدولي بدأ يلتفت من جديد نحو السودان، لا شفقةً بل إدراكًا بأن عودته ضرورة لاستقرار الإقليم.
وفي الداخل، تتشكّل ملامح حكومة الأمل، وتُعيَّن مؤسسات قضائية جديدة، ويُفتح الباب أمام إصلاحٍ طال انتظاره.
لكن… وسط هذه التحركات، يقف محمد أحمد، لا كمتفرّجٍ ولا كمستمع، بل كصاحب حقٍّ يريد أن يرى أثر الأمل في خبزه ومائه وأمنه.
يريد أن يشعر أن الدولة لا تتحدث عنه، بل تتحدث إليه.
آمال راسل ووعي كوتش في ميزان السودان
١. أمل راسل يقول: الأمل لا يكون حقيقيًا إلا إذا تحوّل إلى عملٍ منظم ومؤسسات قادرة.
> فهل نستطيع أن نبني مؤسسات تصمد أمام العواصف بدلًا من وعودٍ تتبخر مع أول بيان؟
٢. وعي كوتش يذكّرنا أن الوعي لا يُورّث ولا يُفرض، بل يُبنى من خلال الثقة، والمصداقية، وتجارب العيش اليومية.
> فهل نملك الشجاعة لنقول الحقيقة كما هي، بلا تزييف ولا تخدير؟
المآلات والاحتمالات
●السيناريو الإيجابي:
أن تتحول هذه الاتفاقيات والزيارات إلى دفقٍ حقيقيٍّ من الاستثمار والدعم، ويُترجم الأمل إلى بنية تحتية وخدماتٍ ملموسة.
حينها سيبدأ الناس في استعادة ثقتهم بأن الوطن يُمكن أن يشفى.
●السيناريو الحذر:
أن تبقى الخطوات رمزية، بلا ترجمة عملية، فنغرق في وعودٍ جديدة لا تختلف عن سابقتها.
●السيناريو السلبي:
أن تُستغل التحركات لتدوير الأزمة أو إعادة إنتاج الصراع بوجوهٍ جديدة — وعندها سينهار ما تبقى من ثقةٍ في الدولة والمجتمع معًا.
تقترح رؤية الجسر والمورد :
١. حملة وطنية ذكية لبناء «وعي المواطنة» عبر منبر رقمي وإذاعي موازٍ يشرح فوائد الاستقرار ويكافح السرديات الهدامة.
٢. صندوق مصغر لمشروعات إعادة الإعمار المحلية تُدار بشفافية مشتركة (حكومي-مجتمعي-خارجي)، مع تقارير ربع سنوية متاحة للعامة.
٣. خارطة طريق قانونية لتفعيل المحكمة الدستورية بشكل كامل، مع ضمانات لحقوق الخصوم وعدم استغلال القضاء سياسياً.
٤. مسار دبلوماسي متدرج: استغلال كل زيارة أو اتفاقية للحصول على التزام رقمي ومالي واضح ومقاييس أداء ظرفية.
٥. فتح قنوات مع آليات «بريكس» لتمويل مشروعات البنية التحتية عبر عملات محلية أو ترتيبات موازية تقلل الاعتماد على الدين الخارجي المقيّد.
محمد أحمد… يسار الفاصلة
في النهاية، القضية ليست بين حكومةٍ ومعارضة، ولا بين عسكرٍ ومدنيين؛ القضية أن محمد أحمد لا يريد أن يكون جملة اعتراضية في خطاب الدولة.
يريد أن يكون يسار الفاصلة، حيث تبدأ الجملة لا حيث تنتهي.
يريد أن يرى رئيس وزرائه يتحدث بلسان الناس، لا عنهم.
يريد أن يشعر أن البرهان، الذي قاد معركة الكرامة، يُمنح الفرصة كاملة لا حبًّا في السلطة، بل لأن الوطن يحتاج إلى يدٍ ثابتة تُمسك بالدفة حتى لا نغرق.
ولهذا نقولها لا مداهنةً بل وعيًا باللحظة التاريخية:
يجب أن نمنح البرهان وكامل إدريس وحكومة الأمل المدنية الفرصة الكاملة، وأن يلتف الشعب السوداني حولهم لتفويت أي فرصة لأعداء الداخل قبل الخارج.
#أصل_القضية،،،
الأمل الذي تحدّث عنه راسل ليس نغمةً عاطفية، بل عقلٌ منظم.
والوعي الذي رآه كوتش ليس ضوءًا في الرأس، بل بناءٌ في الوجدان.
أما نحن، فلدينا وطنٌ ما زال يقف على تخوم الكرامة والخذلان؛
فإما أن نمدّ له جسر الأمل والعقل،
أو نترك المورد يجفّ وتبقى الحكاية بلا فاصلةٍ…
لنقل المواشي بمواصفات عالمية…. مذكرة تفاهم بين وزارتي النقل والثروة الحيوانية
وقعت وزارة الثروة الحيوانية والسمكية الاتحادية مذكرة تفاهم مع الخطوط البحرية السودانية لحل…