‫الرئيسية‬ مقالات شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر الإعلام الإنمائي: شريان التنمية المستدامة وعون التعافي في السودان
مقالات - ‫‫‫‏‫14 ساعة مضت‬

شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر الإعلام الإنمائي: شريان التنمية المستدامة وعون التعافي في السودان

شئ للوطن  م.صلاح غريبة – مصر  الإعلام الإنمائي: شريان التنمية المستدامة وعون التعافي في السودان

Ghariba2013@gmail.com

يشكّل الإعلام الإنمائي أداةً حيويةً ومحوراً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة، فهو ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل هو قوة دافعة قادرة على تعبئة الرأي العام، تشكيل الوعي، وتحفيز المشاركة الشعبية اللازمة لدفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

 

وتستعيد الذاكرة فترة السبعينات، حيث كان للإعلام الإنمائي في السودان دورٌ رياديٌ وفاعل، مقترناً بازدهار التنمية والالتزام بالقيم، معززاً بالتدريب المتخصص والشراكات المحلية والدولية، حيث لمعت أسماء مثل الإذاعي القدير حسان سعد الدين في هذا المجال.

 

إن جوهر العمل الإنمائي، سواء في الدول النامية أو المتقدمة، يرتكز على تعبئة الرأي العام لدعم الأهداف والسياسات الإنمائية المقررة. فالحكومات في الدول المتقدمة تضاعف جهودها لتعميق فهم الجمهور للترابط بين الجهود التنموية وضرورة مساعدة الدول النامية في تسريع تقدمها. وبالمثل، تقع على عاتق حكومات الدول النامية مسؤولية توعية المواطنين بالفوائد والتضحيات المتوقعة، وضمان مشاركتهم الكاملة في تحقيق الغايات التنموية.

 

تعبئة الرأي العام هي مسؤولية وطنية بالدرجة الأولى. يمكن للحكومات أن تنظر في إنشاء هيئات قومية متخصصة أو تقوية الهيئات القائمة، مع ضرورة توجيه مناهج التعليم نحو خدمة الأغراض التنموية على المدى الطويل. ونظراً لأهمية القادة في حشد الدعم، لا بد للسلطات المختصة من تحديد أهداف ملموسة وواضحة يمكن للقادة العمل على تحقيقها.

 

أدركت الأمم المتحدة أهمية هذا الدور، وحددت الجمعية العامة عام 1972 اليوم العالمي للإعلام الإنمائي (24 أكتوبر) بهدف لفت الانتباه العالمي إلى مشاكل التنمية وضرورة تعزيز التعاون الدولي لحلها، تزامناً مع اعتماد الاستراتيجية الإنمائية الدولية الثانية. وتواصل المنظمة الدولية دورها في مساعدة وسائط الإعلام القومية عبر تزويدها بالمعلومات الأساسية اللازمة.

ورغم كل هذه الجهود، لا يزال مستوى معيشة الملايين من البشر منخفضاً بشكل يدعو إلى الأسى، حيث يفتقر الكثيرون إلى الغذاء الكافي، التعليم، العمل، والكثير من ضرورات الحياة. يجب ألا تدع العقبات والإحباطات تغشي أبصارنا عن الطموح الحقيقي في وضع وغايات تنموية طموحة. إن نجاح النشاطات الإنمائية مرهون بتحسن الحالة الدولية التي تتطلب إحراز تقدم ملموس في تعزيز المساواة في الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكافة أبناء المجتمع.

 

يجب أن يكون الهدف النهائي للتنمية هو إحداث تحسن متواصل في رفاه الفرد وتوزيع المنافع على الجميع. فإذا استمرت الامتيازات المفرطة، والثراء الفاحش، والظلم الاجتماعي الفادح، تكون التنمية قد فشلت في تحقيق غرضها الأساسي. ويجب على المجتمع الدولي أن ينهض لمواجهة التحديات واغتنام الفرص غير المسبوقة التي يوفرها العلم والتقنية، ليتسنى للدول المتقدمة والنامية التشارك بالعدل في ثمار هذا التقدم.

على الدول النامية، بدعم من المجتمع الدولي، مواصلة جهودها المشتركة لزيادة قدرتها على تطبيق العلم والتقنية في التنمية، لتضييق الفجوة التقنية. ويجب توفير التعاون الدولي الكامل لإقامة وتعزيز وتنمية الأبحاث العلمية والنشاطات التقنية ذات الصلة بتعصير اقتصادات هذه البلدان، مع إيلاء اهتمام خاص لتشجيع التقنيات المناسبة.

تُسلَّم بقدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICTs) على توفير حلول جديدة للتحديات التنموية، خاصة في سياق العولمة، حيث تعزز النمو الاقتصادي والقدرة على المنافسة، وتسهّل الحصول على المعلومات والمعارف، وتساهم في القضاء على الفقر وتحقيق الإدماج الاجتماعي. ومع ذلك، تطرح هذه التكنولوجيات فرصاً وتحديات جديدة. يجب التصدي للعقبات الرئيسية التي تواجهها البلدان النامية في الحصول على التكنولوجيات الحديثة، مثل عدم كفاية الموارد والبنى التحتية والتعليم والقدرات، والدعوة إلى توفير الموارد الكافية وتعزيز بناء القدرات ونقل التكنولوجيا.

يظل القلق قائماً إزاء الفجوة الرقمية في الوصول إلى أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقنيات الاتصال السريع بين البلدان المختلفة تنموياً، وهي فجوة تؤثر على تطبيقات اقتصادية واجتماعية حيوية في مجالات مثل الحكم، الأعمال التجارية، الصحة، والتعليم.

في مرحلة التعافي التي يمر بها السودان بعد الحرب، يكتسب دور الإعلام الإنمائي أهمية قصوى وحساسة. يجب أن يتحول الإعلام الإنمائي من مجرد بوق حكومي إلى شريك فاعل في بناء السلام وإعادة الإعمار. دوره يتجاوز التوعية الاقتصادية ليشمل بناء الثقة وإعادة اللحمة الاجتماعية والعمل على رأب الصدع المجتمعي والتحريض على التسامح والتعايش السلمي، وتقديم قصص نجاح ملهمة عن العودة والتعافي والمصالحة.

التوجيه نحو الأولويات الإغاثية والإنمائية بتزويد المواطنين والجهات المانحة بمعلومات دقيقة وشفافة حول احتياجات التعافي الفورية (الإيواء، الصحة، الأمن الغذائي) وأولويات إعادة الإعمار على المدى الطويل (البنى التحتية، التعليم، الرعاية الصحية)، وتوجيه الموارد نحو المناطق الأكثر تضرراً، مع تمكين المجتمعات المحلية وإعطاء صوت للمتضررين والنازحين واللاجئين، وتسهيل مشاركتهم في عمليات التخطيط والتعافي، والتأكيد على مفهوم المساءلة والشفافية في استخدام المساعدات والموارد، ومحاربة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة، ففي بيئة ما بعد الصراع، يصبح الإعلام الإنمائي أداة لمكافحة الشائعات ونشر المعلومات المضللة التي قد تهدد استقرار السلام الهش. يجب عليه تعزيز الحقائق وبناء خطاب وطني جامع وموحد.

إن نجاح السودان في الخروج من أتون الحرب والاتجاه نحو التنمية المستدامة يعتمد بشكل كبير على قدرة إعلامه الإنمائي على أداء هذا الدور المعقد، مقدماً الأمل والمعرفة والتحفيز اللازم لرحلة شاقة وطويلة نحو الاستقرار والازدهار.

‫شاهد أيضًا‬

قالو ولم نقل كمال حسن سعد خبير استرتيجي وكاتب صحفي  المفاوضات وفن الممكن

خرجت علينا معظم الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي عن ذهاب وفد الجيش السوداني والدعم السر…