‫الرئيسية‬ مقالات أصل_القضية  نص خطبة الجمعة من سلسلة الجسر والمورد حين يمرض الضمير… تضعف الدولة  بقلم: محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية
مقالات - ‫‫‫‏‫4 ساعات مضت‬

أصل_القضية  نص خطبة الجمعة من سلسلة الجسر والمورد حين يمرض الضمير… تضعف الدولة  بقلم: محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية

أصل_القضية   نص خطبة الجمعة من سلسلة الجسر والمورد  حين يمرض الضمير… تضعف الدولة   بقلم: محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء للدراسات الإنمائية

الخطبة الأولى

 

الحمد لله الذي جعل التقوى زاد المؤمنين، والعدل أساس العمران، والصدق تاجًا على رؤوس الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله ليُتمم مكارم الأخلاق، فكان خُلقه القرآن.

اللهم صلِّ وسلم على من قال: “إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق.”

 

أيها المؤمنون…

إن الأمم لا تُقاس بقوة جيوشها، ولا بكثرة أموالها، بل تُقاس بصفاء ضمائرها وصدق أبنائها.

فإذا مرض الضمير، غاب العدل، وتوارى الحياء، وضاع الحق بين لجج المصالح والأهواء.

وإذا صلح الضمير، عمرت الأرض، واستقام الناس على كلمة سواء.

 

قال تعالى:

 

> “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الرعد: ١١].

 

أيها الأحباب،

إن الله سبحانه لم يقل: حتى يغيروا حكامهم، أو أوطانهم، بل قال: ما بأنفسهم، فالإصلاح يبدأ من الداخل، من القلب والعقل، من الصدق في المعاملة، والإتقان في العمل، والنزاهة في المال العام.

 

ألا فاعلموا أن الفساد لا يبدأ من قمة الدولة، بل من غفلة الضمير في القاعدة؛ من تلك الرشوة الصغيرة التي يبررها المرء لنفسه، ومن ذلك الظلم الصامت الذي لا يُستنكر.

قال رسول الله ﷺ:

 

> “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.”

 

فيا عباد الله،

القلب إذا امتلأ بالتقوى، أنبت العدل في كل سلوك، وإذا خلا منها، أجدب الزمان وذبلت القيم.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أيها المؤمنون…

السودان اليوم يقف على عتبة امتحان أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا أو اقتصاديًا.

إن ما نراه من ضعفٍ في الدولة، وتنازعٍ في المصالح، وتراجعٍ في الأداء، ليس إلا انعكاسًا لخللٍ في الضمير الجمعي، وتقصيرٍ في استحضار معنى الأمانة التي حملناها.

 

قال تعالى:

 

> “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ” [الأحزاب: ٧٢].

 

أيها الأحباب،

الأمانة ليست فقط في خزائن المال، بل في الكلمة التي تنطقها، وفي الوظيفة التي تؤديها، وفي الوطن الذي تنتمي إليه.

ولقد كان أجدادنا — رحمهم الله — يقيمون الرجال بصدقهم لا بمناصبهم، وكانوا يقولون:

“الزول ما بيكمل إلا بضميرو.”

 

فأين نحن من ذلك الإرث اليوم؟

أين ذلك الوجدان السوداني الطيب الذي كان يرى في الأمانة عبادة، وفي العمل شرفًا، وفي نصرة الضعيف دينًا؟

 

أيها الإخوة،

إن الله لا يرضى عن أمةٍ تُشيع الفساد وتبرره، ولا يرفع شأن قومٍ يستخفون بالكذب والخيانة.

قال تعالى:

 

> “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ” [التوبة: ١٠٥].

 

فلنُجدّد العهد مع الله، ومع الوطن، أن نُعيد إلى ضمائرنا بريقها، وإلى أعمالنا إخلاصها، وإلى دولتنا هيبتها.

 

اللهم أصلح قلوبنا كما أصلحت قلوب عبادك الصالحين، واهدِنا إلى سواء السبيل،

اللهم بارك في السودان وأهله، واجعل من ضمائرنا سيوفًا على الفساد، ونورًا للحق والعدل والإحسان.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

‫شاهد أيضًا‬

نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب:نازية القرن الحادي والعشرين

ما يشهده السودان اليوم من جرائم وانتهاكات على يد مليشيات الدعم السريع تجاوز حدود المعارك ا…