‫الرئيسية‬ مقالات نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: الذاكرة ممتلئة.. آن الأوان لإفراغ النفوس لا الملفات
مقالات - ‫‫‫‏‫4 أسابيع مضت‬

نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب: الذاكرة ممتلئة.. آن الأوان لإفراغ النفوس لا الملفات

حينما يصدر هاتفك إشعاراً يقول عليك إفراغ بعض المساحة لأن الذاكرة ممتلئة. اوقفتني هذه العبارة برهة وسألت نفسي لماذا نهتم كثيراً بإزالة الصور والملفات والمحادثات، ولا نفكر بإزالة ما تراكم في صدورنا من حقدٍ وغضبٍ وحسدٍ وخرابٍ داخلي؟ هل أصبحت نظافة الذاكرة الرقمية أولوية أكثر من نقاء الروح؟

لقد امتلأت صدور الكثيرين بعادات تؤذيهم قبل أن تؤذي غيرهم. ضغائن لا تنتهي، وحسد يحرق صاحبه، وعلاقات سامة تُهدر الوقت والطاقة. فكما ننظف أجهزة الهاتف ونتخلص من الملفات الزائدة، آن لنا أن نُفرغ أنفسنا من المشاعر المؤذية التي أعاقت نمونا الداخلي، وسرقت منا السلام.إن نظافة القلب أولى من نظافة الملابس، وصيانة الضمير أولى من تحديث التطبيقات.

ماذا لو أفرغ السياسيون في السودان ذاكرتهم؟. هذا التشبيه يزداد عمقاً حين نُسقطه على الواقع السياسي الذاكرة السياسية في السودان ممتلئة لكنها ليست مليئة بالحكمة أو الخبرة، بل مليئة بالأنانية، وحب الذات، والسعي لاحتكار السلطة، والتخلص من الخصوم، وضيق الأفق الوطني.

لو أفرغ السياسيون هذه الذاكرة من عقد الماضي، ومن سياسات التهميش والإقصاء، وبدأوا من جديد بروح وطنية صادقة، لكان السودان في حالٍ أفضل، يليق بشعبه الطيب الذي لا يطلب معجزات، بل فقط الأمن والاستقرار والخدمات الأساسية.

الشعب السوداني لا يريد أن تتنزل عليه مائدة من السماء، ولا يسأل عن معجزة، بل يريد خبزاً ودواءً وتعليماً وأماناً. يريد حكومة تسمع أكثر مما تتحدث، وتعمل أكثر مما تعد. يريد مسؤولين ينظّفون صدورهم قبل مكاتبهم، ويتصالحون مع ضمائرهم قبل خصومهم.

الذاكرة الشخصية يمكن مسحها بضغطة زر، لكن ذاكرة الضمير تحتاج قراراً شجاعاً.فلنبدأ بأنفسنا،ولينظر كل سياسي في نفسه ويسأل هل آن الأوان لإفراغ المساحة الممتلئة؟ لأن الوطن لا يحتمل المزيد من الملفات الفاسدة.حفظ الله السودان وشعبه.
meehad74@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

وجه الحقيقة إبراهيم شقلاوي حكومة الأمل.. كتاب لم يقرأه السودانيون

في مشهد سياسي ما زال عالقًا في ذاكرة السودانيين، قدّم الدكتور كامل إدريس نفسه، عقب أدائه ا…