نقطة إرتكاز د.جادالله فضل المولي يكتب :سلطة تبحث عن أرضية فما جدوى الحكم بلا شعب؟

السلطة لا تُقاس بما يُعلن على الورق، ولا بما يُنشر على صفحات التواصل، بل بما يُترجم في وجدان الشعب. فالحكم دون شعب يشبه المنزل بلا أساس؛ مجرد هيكل يبحث عن روح، ومسمّى بلا معنى. في زمنٍ تُولد فيه الحكومات في غرف الفنادق،وتُنشرعبر التطبيقات تتكرّر أزمة الحُكم بلا سند، بلا تفويض شعبي، بلا أرضية وطنية تضمن الاستمرار. فما جدوى قيادة لا يتبعها أحد؟ وما معنى حكم لا يستند إلى آهات الناس ولا يخاطب وجدانهم؟ إنها سلطة تبحث عن أرض، لكن الأرض رفضتها، لأنها لم تولد من رحمها بل من فراغ سياسي تائه.
في سياق النزاع السوداني المتصاعد، برزت مؤخراً كيانات سياسية تعلن نفسها حكومات تأسيسية، وتزعم امتلاك الحلول، بينما تمارس وجودها عبر الفضاء الرقمي فقط. إعلان نيروبي الأخير مثال صارخ، حيث وُلدت حكومة بلا أرض، بلا مؤسسات، بلا شعب. حكومة اختزلت الوطن في منشور، وتجاهلت أن الشرعية تُكتسب من الميدان لا من المنصات.
أجسام مدنية نكره مثل صمود ، بقيادة عبد الله حمدوك، انخرطت في هذا المشروع الافتراضي. لكن السؤال الذي يطرحه السودانيون ببساطة من فوّضهم؟ وأي شعب يقف خلفهم؟ وما مدى اتصالهم بالمعاناة الحقيقية للسودانيين الذين يعيشون النزوح، ويقاومون في جبهات القتال؟
من نيروبي إلى جوبا، ومن أديس أبابا إلى أنجمينا، تصطف عواصم إقليمية في مشهد سياسي يبدو مترابطاً، لكنه هش من الداخل. فلا دولة تستطيع أن تمنح الشرعية لسلطة لم يولدها الشعب، والمجتمع الدولي مهما تنوعت مصالحه يُفترض أن يحترم السيادة الوطنية لا أن يُعيد رسمها.
ماذا يقول الواقع؟. على الأرض، القوات المسلحة السودانية تواصل صدّ المليشيات، وتكسب مواقع، وتستند إلى التفاف شعبي واسع. وفي المقابل، الحكومة المعلنة لم تستطع حتى أن تنزل إلى شارع واحد في السودان، أو تنال دعماً شعبياً صريحاً. إنها سلطة تبحث عن أرضية، لكنها وجدت نفسها معلقة فوق فراغ سياسي واجتماعي.
حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم تُصدر الأمم المتحدة، أو الاتحاد الأفريقي، أو الأوروبي أي اعتراف رسمي بهذه الحكومة. بل إن المواقف المعلنة ترفض أي كيان لا ينبثق من توافق شعبي سوداني حقيقي. وهذا الموقف رغم بطئه يعكس إدراكاً متأخراً لأهمية الشرعية الداخلية لا الخارجية.
الحكم ليس سلعة تُعرض في المزاد، ولا منصب يُنتزع بالبيانات. إنه علاقة بين القيادة والشعب، بين القرار والشرعية. وكل سلطة لا تنبع من الشعب، لا تعنيه، ولا تحميه، ولا تحكمه. فالحكومة التي لا تُجسّد نبض أهلها، ليست إلا سلطة تبحث عن أرضية… وستبقى تبحث، حتى يرفضها التاريخ.حفظ الله السودان وشعبه من كل فتنة ومن كل طامع في أرضه وكرامته.
meehad74@gmail.com
حديث الساعة بقلم: إلهام سالم منصور الدرعة والبرؤون يهزمون السرطان
بقوة الدرعة، وبصلابة البرؤون، وبإيمان راسخ لا يتزعزع، انتصرت — بفضل الله — في واحدة من أعظ…