د.عبد المحمود محمود يكتب الأمر خطير لو كانوا يعلمون

الأحداث تتسارع لدرجة ان الجميع يسير بلا وعي وهم يساقون إلى قدر محتوم ؛ لا يملكون حتى الوقت للتفكير .. ( استراتيجية الصدمة والرعب ) تجعل السواد الأعظم من الناس مشدوها ومعطل الفعل والتفكير ، وحينما يفيق يجد أن الامور بلغت مبلغا لا يمكن تداركه..
المخطط الاستخباري الخارجي مرسوم بعناية .. إثارة الفتنة والكراهية والعزل الاجتماعي لإعداد المحرقة الكبرى للقضاء على الإسلاميين نهائياً في السودان ..
الهدف المرحلي هو توظيف كافة المعطيات للهدف الاستراتيجي بمشاركة ” غير واعية ” من معظم قادة القوى السياسية وحتى العسكرية .. ومن يعي منهم بأبعاد هذا المخطط لا يجرؤ ان يخالف التوجيهات في ظل المغريات والترغيب والترهيب ( سياسة العصا والجزرة ) ..
الحقيقة الماثلة ان الكل له دور في هذا المسرح الكبير ، حتى المواطن البسيط بل حتى الأطفال يؤدون دورهم بعناية وهم أسيري الدعاية والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فهم جميعا جزء من الجيش الكبير الذي يتم تعبئته في الخلفية ؛ ليصبح فاعلا في الأحداث بدلا من أن يكون متفرجا ، سواء بالرأي أو بالعاطفة الجياشة أو بالانقياد وراء دعاة الشعارات والحراك الثوري بنوايا حسنة، فهم لا يشعرون وهم يؤدون هذا الدور بأدنى حرج أو شعور بالذنب ، لأن الشعارات تصنع لديهم ايدلوجيا جوهرها الحماس والاندفاع والفداء والتضحية تحت تأثير “اللاوعي ” ، وتصبح الدماء وقودا لمزيد من طاقة الدفع .. ، اما الغرف السرية لصناعة الأحداث فهي تحدد من يهادن ومن يخاشن ، ومن يصمت الآن ويتحدث في الوقت المحدد ، ومن يصنع الفتنة ويعمل القتل من وراء الحجب ؛ ليكون الجاني مجهولا إلى حين .. أو معلوما .. لأن (الجاني البديل) الذي سيتحمل التهمة يجري صناعته إعلاميا في هذه المرحلة بعناية ، ويشارك الجميع في الشهود عليه في المحاكمة الأخلاقية والتاريخية ، لا سيما أن هناك من يعمل باحترافية ليجهز الأدلة لتوريط طرف ما ، وتبرئة طرف آخر .. أما “الانقلابيون* ومن ورائهم من الخائنين ؛ فقد هندسوا التغيير وهم يتلقون التعليمات من مركز التحكم والسيطرة الخارجي ، وحينما تدلهم الخطوب ويصبح الوضع مأساويا لدرجة يصعب معها تحمل ضغوطات الحياة الاقتصادية يكون الاستسلام العام من كل الشعب الذي ينتظر مخلصا ينهض من وراء هذا الركام لينقذ الجميع ويخلصهم من هذا الواقع المرير ، حينها يظهر احد الخونة ليكون هو البطل المنقذ ؛ الذي يهتف باسمه الجميع ..
يجري كل ذلك رغم تسارع إيقاع الأحداث الذي أظهر نتائج عاجلة ومفاجئة تمت بسهولة ويسر فوق ما هو متصور حتى بالنسبة للمخططين ، الا ان كل ذلك يخدم الخطة الموضوعة التي لا تنفصل عن المخطط الإقليمي والدولي .. ، ولا بأس من اي تداعيات ونتائج مهما بلغت كلفتها (من ازهاق الأرواح والموارد ) طالما ان هذه الخطة تسير نحو الهدف المرسوم وهو ( تصفية الإسلاميين تماما ) ، وطالما ليس هناك وجيعا يبكي على الشعب والوطن ، بعد أن ترسخ في ذهن البسطاء والنخب معا أن المجرم الذي يجب أن يزال من الوجود بات معلوما لديهم ، وأن العدالة يجب أن تنزل عليه أقصى واقسى العقوبات .. ومن ظن انه ناج من بقية التيارات الإسلامية التي لا صلة لها ( بالحركة الجانية ) فقد التبس عليه الأمر ، فهم هدف آخر سيأتيه الدور لاحقا لأنه سهل التحقق ، فيظنون ان موقفهم هذا سينجيهم ، ولذلك تجدهم حريصين على الإبتعاد عن أي صلة تربطهم ( بالجاني المفترى عليه ) فكرياً وعضويا وعاطفيا ، بل امعانا في هذا التزلف والنفاق ؛ سيسعون إلى تبني أفكار جديدة ، تجنح نحو التسبيح بحمد السلطان الجديد ومن هم وراءه ممن يديرون اللعبة في الخارج ، وهنا يتحقق هدف استراتيجي آخر لا سيما أن البدائل من الأحزاب ذات الصبغة المناسبة التي تستوعب طاقات الشباب قد صنعت بتوجيهات جديدة لتلبي تطلعاتهم ( من اليمين إلى اليسار ) ، نعم تم إعداد مشروع أحزاب للمرحلة القادمة حتى لا يكون هناك فراغ يؤدي إلى التطرف ونشوء تنظيمات ( إرهابية) لأن الإرهاب سيكون هو الصفة المزمومة التي يسعى الجميع للتبرؤ منها ، ونبذ من يوسم بها ، ويجب الابتعاد عنه إلى أقصى درجة ممكنة ..
ختاماً اقول أن الفصل الأول من هذا المشهد قد شارف على نهايته بتحقيق مكاسب فوق المتوقع وأن نتائجه تمثل معطيات الفصل الثاني ، وما تم من تأخر وتعطيل متعمد في مفاوضات التوصل لحكومة إنتقالية لم يكن عبثا بل كان مقصودا ( لتعظيم نتائج هذا المشهد ) وسيتكرر ذلك كثيرا ، .. أما “المشهد الثاني” فملامحه بدأت تلوح في الأفق ، فبعد إعلان نائب رئيس مجلس السيادة عن تسليم المطلوبين من ( اخوان مصر ) للسيسي وهم الذين لجأوا إلى السودان سابقا .. على ( اخوان السودان ) ربط الأحزمة والاستعداد للأسوأ ..
( اللهم هل بلغت اللهم فاشهد )
وليس بعيدا ..
لم يتبقى لحلم مشروع دولة بني إسرائيل من التحقق ؛ الا السيطرة على كامل النيل ، بعد اكتمال السيطرة على الفرات وما بينهما وما حولهما من لدن سوريا حتى السعودية واليمن ومصر ، والآن آخر مرحلة تبقت من المشروع هي السيطرة على النيل بعد أن أصبح شمال الوادي مضمونا ( مصر ) وتبقى جنوب الوادي ( السودان ) الذي يجري تكملة تنفيذه بعد ما جرى من ترتيبات استراتيجية في ارض المنبع ( إثيوبيا ) من تغيير سياسي وأمني واقتصادي وتنموي كبير ، ومصالحة مع ارتريا ، سبق ذلك السيطرة الكاملة على (جنوب السودان) .. حينها يكتمل مخطط السيطرة ( بالوكالة ) – عبر أناس من نفس الجلدة – على كامل حدود دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
محجوب أبوالقاسم يكتب متى تنصفوا هذا الشعب؟
جهود عظيمة تبذل على الأرض لا ينكرها إلا جاحد فقد ثبت جيشنا الوطني ومعه القوات المساندة من …