القوات المشتركة إلى أين؟ قريب الله العوض

ما حدث في مستشفى عطبرة ليس حادثاً منعزلاً، بل هو تعبير صارخ عن حالة الفوضى التي تغذيها تجاوزات القوات المشتركة. لقد تحولت هذه القوات من أداة يُراهن عليها في معركة استعادة الأمن إلى مصدر للترهيب والعنف العشوائي الذي يفتك بالمواطن قبل العدو. مشهد إطلاق النار داخل حرم مستشفى، تلك البقعة التي يجب أن تكون ملاذاً للشفاء والأمان، ليؤكد أن سيف السلاح أصبح مسلطاً على رقاب الناس في أماكن علاجهم وحياتهم اليومية.
الحادثة تكشف الوجه القبيح للسلاح غير المنضبط، حين يتحول خلاف بسيط على بوابة مستشفى إلى مذبحة تزهق أرواح مواطنين وضباط حتى من بين صفوف القوات نفسها. هذا العبث بالحياة البشرية لم يعد مقبولاً، والدماء التي تسيل في شوارع عطبرة ومدن السودان تصرخ بسؤال واحد: إلى متى؟ إلى متى سيظل المواطن رهينة صراعات مسلحة تتغذى على جسده وكرامته وأمنه؟
إن تجاوزات القوات المشتركة لم تعد خافية على أحد، فقد أصبحت ظاهرة تؤرق كل السودانيين. فها هي قوات يفترض أنها تناضل من أجل أهداف سامية تتحول إلى مصدر للفزع في الأحياء السكنية وعلى أبواب المستشفيات وداخل الأسواق. لقد آن الأوان لمراجعة جادة ودقيقة لدور هذه القوات ووجودها في المدن، وعلاقتها بالمواطن الذي من أجله تزعم أنها تحمل السلاح.
إننا لا ننكر ضرورة التوحد في مواجهة التحديات الأمنية التي يمر بها السودان، ولكن هذا التوحد يجب أن يكون ضمن إطار قانوني ومؤسسي واضح، يحترم حقوق المواطنين ويصون كرامتهم. فالحرب على العدو لا تبرر أبداً إرهاب المواطنين، والسلاح الذي لا يحمي الشعب لا قيمة له.
إن ما حدث في عطبرة يذكرنا بأن السلام الحقيقي لا يتحقق بمجرد حمل السلاح، بل بالانضباط والحفاظ على حرمة الحياة البشرية. إنها صرخة يجب أن تصل إلى كل من يمسك بزمام الأمور: كفى من الفوضى، كفى من الدماء، كفى من استباحة حرمة المدنيين ومؤسساتهم الحيوية. السودان وأهله يستحقون أكثر من هذا.
أجيال النيل د. سهام موسى العنف والتنمر يطرد أطفال السودان إلى شوارع القاهرة
إن ظاهرة العنف ضد الأطفال ليست مجرد “مشكلة اجتماعية”، بل هي “زلزال أخلاق…





