حسن النخلي يكتب: التحليق وسط الزحام – التنمية المستدامة ما بين استراتيجية البناء القاعدي والهرمي

إن واقع السودان التنموي منذ الاستقلال آخذ في الترنح والانحدار نتيجة لغياب الرؤى الواضحة والتخطيط. وهناك عوامل كثيرة تضافرت لتردي الاقتصاد السوداني قتيلًا، برغم وفرة الموارد وتعددها. إلى أن شبت هذه الحرب اللعينة التي أريد بها القضاء كليًا على كيان الدولة السودانية، بغية استنزاف إنسان السودان والهيمنة على موارد الوطن.
وللخروج من كل هذه الأزمات، لابد من شحذ الهمم والركون إلى رؤية استراتيجية شاملة، بعيدًا عن المزايدات بشتى أشكالها، والشروع في تنمية مستدامة تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.
وفي هذا السياق، يمكن تطبيق استراتيجية البناء القاعدي والهرمي بطرق مختلفة، ما بين الدمج بينهما أو الفصل حسب نوع التنمية المستهدفة، مع مراعاة مناسبة الحالة مع نوع المشروع المراد القيام به. إذ إن لكل مستوى من التنمية عيوب ومزايا. وفي كل الحالات، يجب أن نضع نصب أعيننا استدامة التنمية وضرورة القيام بدراسات وافية للمشاريع من كل الجوانب الفنية والتمويل، ووضع سقف زمني وتحديد الآلية المناسبة ما بين قمتي الهرم الإداري والتنفيذي على المستويين القاعدي أو الهرمي.
ومثل تلك المشاريع تكاد تكون ظاهرة الحوجة للعيان، ولكن الخفي منها هو ما يحتاج لدراسة وتخطيط علمي من الجهات ذات الاختصاص من وزارات وجامعات وبيوت خبرة محلية وعالمية إذا دعت الحاجة للاستعانة بها. وعليه، لابد من تدريب الكوادر البشرية وتطوير القدرات للحيلولة دون الفشل وتقليل تكاليف المشاريع وفتح سوق عمالة وتحريك عجلة الاقتصاد.
وإذا أردنا أن نتحدث عن السودان بوضعه الراهن، نجد أن تجربة التنمية القاعدية أكثر فعالية، بحيث أنها تتيح للمواطن المشاركة الفعالة في عملية التنمية وتحديد الأولويات التي تخدم مصالحه. وكذلك تقوي من اللحمة الوطنية وتعزز ثقة المواطن في قيادته، وتساهم في رتق النسيج الاجتماعي، إذ أن العمل يوفر بيئة صالحة للتكاتف والتعاضد ويوحد الهدف والمصير.
وهذا لا يعني استبعاد استراتيجية البناء الهرمي وإشرافها المباشر في تلك المشاريع الخدمية، بيد أنه هنالك مشاريع ذات صبغة معقدة وكبيرة لها أكثر من مدى، فلابد من التدرج فيها لتستطيع الدولة بالإيفاء بالتزامتها الحالية التي لا غنى للمواطن عنها، وتعد في حد ذاتها بنية تحتية لقيام تلك المشاريع الضخمة التي قد تمتد لأكثر من جيل.
وكل ما ذكرناه آنفًا لا يمكن أن يتحقق إن لم يكن هناك استقرار في أنظمة الحكم والتداول السلمي للسلطة، مما يتيح سلاسة الانتقال فيها ويحافظ على استدامة التنمية. مع العلم أن استدامة التنمية لا بد أن يحميها الدستور، فيجب ألا تخضع الخطط للمزاج الشخصي للأنظمة الحاكمة أو حسب أهواء المشرعين، إنما هي دراسات مبنية على أهداف مستدامة يجب التوافق عليها. وتخضع للمحاسبة والمراجعة في كل مراحلها العلمية والعملية.
حفظ الله البلاد والعباد.
جيش واحد شعب واحد
. ودمتم سالمين، ولوطني سلام.
السبت /25/10/2025
شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر السودان.. بوابة العبور إلى الاقتصاد الرقمي
Ghariba2013@gmail.com تخطو الحكومة السودانية خطوات استراتيجية ومفصلية نحو دم…





