‫الرئيسية‬ مقالات نقطةإرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب : الدم المباح
مقالات - ‫‫‫‏‫3 ساعات مضت‬

نقطةإرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب : الدم المباح

نقطةإرتكاز   د.جادالله فضل المولي   يكتب : الدم المباح

في بلادٍ كانت تُعرف بالكرم والتسامح، صار الدم أرخص من الماء، وصارت الأرواح تُزهق بلا حساب، بلا محاكمة بلا رحمة. في السودان، حيث تتصارع المليشيات على النفوذ ومن خلفها حكومة أبوظبي، تحوّل الإنسان إلى هدفٍ سهل، مجرد رقم في قائمة الموت، يُقتل لأنه لا ينتمي، لأنه لا يُبايع، لأنه فقط وُلد في قبيلةٍ أخرى.

 

مليشيات الدعم السريع لا تكتفي بالقتال، بل تمارس القتل كمنهج، كأداةٍ لإعادة تشكيل المجتمع على أسسٍ قبلية مريضة. تُصفّى القرى، يُطارد الأبرياء، يُحاصر المدنيون، وتُرتكب المجازر تحت غطاء الصمت الدولي. لم يعد القتل يُرتكب في الخفاء، بل صار يُمارس علناً، وكأنما أصبح الدم المباح هو القانون الجديد.

 

ما يُثير الرعب ليس فقط عدد الضحايا، بل طبيعة الجريمة. يُقتل الإنسان لأنه لا ينتمي إلى قبيلة القائد، يُذبح لأنه لا يحمل نفس الاسم، يُغتصب لأنه من الآخرين. هذه ليست حرباً، بل تطهيرٌ عرقي، يُمارس بدمٍ بارد، وبخطابٍ قبليٍ فج، يُحوّل السودان إلى ساحةٍ للانتقام الجماعي.

 

المجتمع الدولي، الذي يُسارع للتنديد في كل أزمة، يقف هنا متفرجاً. بيانات القلق تُصدر، لكن لا أحد يتحرك. لا محاكم، لا لجان تحقيق دولية، لا عقوبات. وكأن دماء السودانيين لا تستحق أن تُدرج في سجلات العدالة. وكأن أرواحهم لا تُحرّك ضمير العالم.

 

الدم المباح هو نتيجة انهيار القيم، وتواطؤ الصمت، وتغوّل السلاح على الإنسان. هو عنوانٌ لمأساةٍ تتكرر كل يوم، في كل قرية، في كل حي، في كل بيت. هو صرخةٌ في وجه العالم: أنقذوا السودان قبل أن يُمحى من الذاكرة، قبل أن يتحوّل إلى قصةٍ تُروى في كتب التاريخ عن شعبٍ أُبيد لأن العالم قرر أن يصمت ترتكب المجازر كل يوم ولاحباة لمن تنادي.

 

الدم المباح ليس قدراً، بل جريمة. والمجرمون يجب أن يُحاسبوا، مهما طال الزمن، ومهما تعقّدت السياسة. لأن العدالة لا تُقاس بالمصالح، بل بالحق. والسودان يستحق أن يعيش، أن يُشفى، أن يُحاكم قاتلوه.

meehad74@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر السودان.. بوابة العبور إلى الاقتصاد الرقمي

Ghariba2013@gmail.com     تخطو الحكومة السودانية خطوات استراتيجية ومفصلية نحو دم…