‫الرئيسية‬ مقالات شئ للوطن  م.صلاح غريبة – مصر التراث السمعي البصري السوداني: ذاكرة في مهب الحرب.. دعوة للإنقاذ والتوثيق المبدع
مقالات - ‫‫‫‏‫3 ساعات مضت‬

شئ للوطن  م.صلاح غريبة – مصر التراث السمعي البصري السوداني: ذاكرة في مهب الحرب.. دعوة للإنقاذ والتوثيق المبدع

شئ للوطن   م.صلاح غريبة – مصر  التراث السمعي البصري السوداني: ذاكرة في مهب الحرب.. دعوة للإنقاذ والتوثيق المبدع

Ghariba2013@gmail.com

يحتفل العالم في السابع والعشرين من أكتوبر من كل عام بـ اليوم العالمي للتراث السمعي البصري، وهو مناسبة تتجاوز الاحتفاء لتصبح صرخة تحذير عالمية بضرورة صون هذه المواد التي تشكل “نافذتنا على العالم” وحافظة لذاكرتنا الجماعية. إنها الأفلام والتسجيلات الصوتية والمرئية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تؤرخ للحظاتنا، وتجسد هويتنا الثقافية والاجتماعية واللغوية.

ولكن، وبينما تدوي هذه الدعوة العالمية، تطل مأساة السودان برأسها لتلقي بظلالها الثقيلة على مفهوم الحفظ والصون، مُسلطة الضوء على حجم الكارثة التي لحقت بكنوزه السمعية البصرية إثر الحرب المدمرة. ففي خضم الصراع، لم تقتصر الخسائر على الأرواح والمباني، بل امتدت لتطال الذاكرة الوطنية ذاتها، حيث تفيد تقارير بأن المؤسسات الثقافية، بما في ذلك الأرشيفات والمتاحف التي قد تحوي كنوزاً سمعية بصرية، تعرضت للنهب والتدمير والضرر البالغ، كما حدث مع التراث المادي في المتاحف والمواقع الأثرية وخاصة المتحف القومي.

إن اليوم العالمي للتراث السمعي البصري يفرض علينا وقفة تأمل حقيقية تجاه ما ضاع من ذاكرة السودان الحية. فكم من فيلم وثائقي، وكم من تسجيل إذاعي نادر، وكم من لقطة أرشيفية توثق مراحل تاريخية مهمة، أو تسجل جوانب من التنوع الثقافي والفني السوداني الأصيل، أصبحت الآن في عداد المفقود أو التالف أو المدمر؟ إن هذا التراث هو الرابط بين الأجيال، والمادة الخام لفهم الحاضر واستشراف المستقبل. خسارته تعني فقدان جزء أصيل من الروح والهوية السودانية.

تستلزم المرحلة الحالية والمستقبلية جهداً وطنياً ودولياً عاجلاً للقيام بمراجعة واستعادة التراث المفقود، فيجب تفعيل لجان متخصصة، بمجرد استتباب الأمن، لتقييم حجم الضرر في أرشيفات الدولة ومؤسساتها الإعلامية والثقافية، والعمل على رقمنة وتأمين ما تبقى، ومحاولة استرداد ما سُرق أو هُرِّب من مواد سمعية بصرية لا تقدر بثمن، بجانب التوثيق السمعي البصري الشامل للحرب، بات من الضروري تأسيس أرشيف متكامل ومحايد لتوثيق كل الانتهاكات التي حدثت خلال حرب السودان الأخيرة. يجب جمع المواد السمعية والبصرية التي أنتجها الأفراد، والمؤسسات الإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني، وناشطة حقوق الإنسان. هذا التوثيق ليس مجرد حفظ للتاريخ، بل هو خطوة أولى نحو المساءلة والعدالة الانتقالية.

لا يكفي جمع المواد، بل يجب إعادة صياغتها وإخراجها بصورة مهنية ومبدعة. يمكن تحويل هذه المواد إلى أفلام وثائقية قوية، ومعارض تفاعلية، ومنصات رقمية تروي بصدق وتأثير بالغ قسوة تلك الفترة الحرجة. الهدف ليس فقط الحفظ، بل استخدام القوة البلاغية للصورة والصوت لتكون شاهداً لا يُنسى على مأساة الحرب، وعربون وفاء للضحايا، ودرساً للأجيال القادمة.

إن التراث السمعي البصري هو النبض الحي للذاكرة، وفي حالة السودان، هو صدى صمود شعب وشهادة على وحشية صراع. إنقاذ هذا التراث وتوظيفه المبدع للتوثيق يمثل عملاً مقاوماً، وإعادة بناء للذاكرة الوطنية التي حاول الدمار طمسها. فلتكن هذه المناسبة العالمية نقطة انطلاق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتحويل ألم المرحلة إلى عمل إبداعي يحمل عبق التاريخ وأمل المستقبل.

‫شاهد أيضًا‬

قبل المغيب عبدالملك النعيم احمد المجلس التنسيقي للصحفيين

26 أكتوبر 2025م في الأخبار أن مجموعة من الزملاء الصحفيين قد تنادوا بعضهم البعض في مدينة بو…