‫الرئيسية‬ مقالات نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: الطائرات المسيرة… رسائل الموت في سماء السودان
مقالات - ‫‫‫‏‫3 أيام مضت‬

نقطة إرتكاز  د.جادالله فضل المولي  يكتب: الطائرات المسيرة… رسائل الموت في سماء السودان

نقطة إرتكاز   د.جادالله فضل المولي   يكتب: الطائرات المسيرة… رسائل الموت في سماء السودان

في مشهد يعكس تحولاً خطيراً في أدوات الحرب، باتت الطائرات المسيرة سلاحاً مفضلاً لدى المليشيا في السودان، تُستخدم بكثافة غير مسبوقة لضرب المناطق الآمنة، واستهداف المدنيين، وترويع السكان. لم تعد هذه الطائرات مجرد أدوات استطلاع أو دعم لوجستي، بل تحولت إلى رسائل موت تُرسل من السماء، تحمل في طياتها دلالات سياسية ونفسية وأمنية عميقة.

 

الضربات التي تنفذها المليشيا عبر الطائرات المسيرة لا تستهدف مواقع عسكرية فحسب، بل تطال الأحياء السكنية، مراكز الإيواء، المستشفيات، وحتى تجمعات المدنيين في الأسواق والمناسبات الاجتماعية. هذا النمط من الاستهداف لا يمكن تفسيره إلا باعتباره محاولة ممنهجة لزعزعة الاستقرار، وكسر إرادة الشعب، وإرسال رسالة مفادها أن المليشيا ما زالت موجودة، قادرة على الوصول، وأن لا مكان آمن في السودان.لكنها فرقعة بالونه وناموس في اذن فيل مع صمود وقوة واراد الشعب السوداني.

 

لكن الرسالة الأعمق التي تحاول هذه الطائرات إيصالها هي أن الحرب لم تنته، وأن منطق الفوضى ما زال هو الحاكم. إنها محاولة لإعادة تعريف الجغرافيا السياسية عبر الإرهاب الجوي، ولإجبار المجتمع الدولي على الاعتراف بوجود طرف لا يملك شرعية لكنه يملك أدوات التدمير. إنها حرب نفسية بامتياز، تستهدف الروح قبل الجسد، وتريد أن تقول للسودانيين: لا تحلموا بالأمان ولكن الشعب واعي يعرف من يحمية ومن يقتله.

 

في المقابل، يقف المجتمع الدولي في حالة من الصمت المريب. بيانات الإدانة الخجولة، والدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار، لم تعد كافية أمام مشاهد الأطفال القتلى، والنساء المذعورات، والمنازل التي تتحول إلى ركام. أين هي المواثيق الدولية التي تحرم استهداف المدنيين؟ أين هي الآليات التي تعاقب من يستخدم الطائرات المسيرة ضد الأبرياء؟ ولماذا يُترك السودان وحيداً في مواجهة هذا الإرهاب الجوي؟

 

إن استخدام الطائرات المسيرة بهذه الكثافة ليس مجرد تطور تقني في أدوات الحرب، بل هو تعبير عن عقلية لا تؤمن بالدولة، ولا تحترم القانون، ولا ترى في الإنسان سوى هدفاً عسكرياً. إنها عقلية تريد أن تحكم بالدم، وتنتصر بالرعب، وتفرض وجودها عبر الدمار.

 

السودان اليوم لا يحتاج إلى تعاطف، بل إلى موقف. إلى تحرك دولي حقيقي يضع حداً لاستخدام الطائرات المسيرة ضد المدنيين، ويحاسب من يقف وراءها، ويدعم من يقاومها. لأن الصمت لم يعد حياداً، بل صار تواطؤاً. والموت من السماء لن يتوقف ما لم تُكسر أذرع من يطلقونه.

 

الطائرات المسيرة ليست مجرد آلات، بل هي رسائل. والسودان يقرأها جيداً، لكنه يرد عليها بصمود شعب، وجيش لا ينهزم، وإرادة لا تنكسر.

meehad74@gmail.com

‫شاهد أيضًا‬

شئ للوطن م.صلاح غريبة – مصر السودان.. بوابة العبور إلى الاقتصاد الرقمي

Ghariba2013@gmail.com     تخطو الحكومة السودانية خطوات استراتيجية ومفصلية نحو دم…